الله صلىاللهعليهوسلم ، وعن الحسن أن المراد بها بيت المقدس والجمع من حيث إن فيه مواضع يتميز بعضها عن بعض وهو خلاف الظاهر جدا.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة قال : «قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هذه الآية (فِي بُيُوتٍ) إلخ فقام إليه عليه الصلاة والسلام رجل فقال : أي بيوت هذه يا رسول الله؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «بيوت الأنبياء عليهمالسلام فقام إليه أبو بكر رضي الله تعالى فقال : يا رسول الله هذا البيت منها لبيت علي وفاطمة رضي الله تعالى عنهما قال : نعم من أفاضلها» وهذا إن صح لا ينبغي العدول عنه.
وقال أبو حيان : الظاهر أنها مطلقة تصدق على المساجد والبيوت التي تقع فيها الصلاة والعلم ، وجوز أن يراد بها صلاة المؤمنين أو أبدانهم بأن تشبه صلاتهم الجامعة للعبادات القولية والفعلية أو أبدانهم المحيطة بالأنوار بالبيوت المذكورة ـ أعني المساجد ـ ثم يستعار اسمها لذلك. وتعقب بأنه لا حسن فيما ذكر وأظنك لا تكتفي بهذا المقدار من الجرح ، والمراد بالإذن الأمر وبالرفع التعظيم أي أمر سبحانه بتعظيم قدرها ، وروي هذا عن الحسن والضحاك ولا يخفى أنه إذا أريد بها المساجد فتعظيم قدرها يكون بأشياء شتى كصيانتها عن دخول الجنب والحائض والنفساء ولو على وجه العبور وقد قالوا بتحريم ذلك وإدخال بحاسة فيها يخاف منها التلويث ولذا قالوا : ينبغي لمن أراد أن يدخل المسجد أن يتعاهد النعل والخف عن النجاسة ثم يدخل فيه احترازا عن تلويث المسجد ، ومنع إدخال الميت فيها ومنع إدخال الصبيان والمجانين وهو حرام حيث غلب تنجيسهم وإلا فهو مكروه ، وقد جاء الأمر بتجنيبهم عن المساجد مطلقا.
أخرج ابن ماجة عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمروها في الجمع ومنع إنشاد الضالة وإنشاد الأشعار ، فقد أخرج الطبراني وابن السني وابن مندة عن ثوبان قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من رأيتموه ينشد شعرا في المسجد فقولوا فض الله تعالى فاك ثلاث مرات ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا : لا وجدتها ثلاث مرات» الحديث. وينبغي أن يقيد المنع من إنشاد الشعر بما إذا كان فيه شيء مذموم كهجو المسلم وصفة الخمر وذكر النساء والمردان وغير ذلك مما هو مذموم شرعا ، وأما إذا كان مشتملا على مدح النبوة والإسلام أو كان مشتملا على حكمة أو باعثا على مكارم الأخلاق والزهد ونحو ذلك من أنواع الخير فلا بأس بإنشاده فيها ، ومنع إلقاء القملة فيه بعد قتلها وهو مكروه تنزيها على ما صرح به بعض المتأخرين ، ويندب أن لا تلقى حية في المسجد ، فقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن رجل من الأنصار قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليصرها في ثوبه حتى يخرجها» ومنع البول فيها ولو في إناء وقد صرحوا بحرمة ذلك ، وفي الأشباه وأما الفصد في المسجد في إناء فلم أره ، وينبغي أن لا فرق أي لأن كلّا من البول والدم نجس مغلظ ، ومنع إلقاء البصاق فيها.
وفي البدائع يكره التوضي في المسجد لأنه مستقذر طبعا فيجب تنزيه المسجد عنه كما يجب تنزيهه عن المخاط والبلغم ، وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي «أن النبي صلىاللهعليهوسلم رأى في قبلة المسجد نخامة فقام إليها فحكها بيده الشريفة صلىاللهعليهوسلم ثم دعا بخلوق فلطخ مكانها» فقال الشعبي : هو سنة ، وذكروا أن إلقاء النخام فوق الحصير أخف من وضعها تحته فإن اضطر إليه دفنها ، وفي حديث أخرجه ابن أبي شيبة عن أنس مرفوعا «التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن يواريه» وروى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس مرفوعا أيضا نحوه ، ومنع الوطء فيها وفوقها كالتخلي