والسلام فبلغ ذلك أبا بكر رضي الله تعالى عنه فقال : هممت أن أحرق عليها بيتها فقال له عمر : ما هي من أمهات المؤمنين ما دخل بها صلىاللهعليهوسلم ولا ضرب عليها الحجاب.
وقيل : لم يحتج عليه بذلك بل احتج بأنها ارتدت حين ارتد أخوها فلم تكن من أمهات المؤمنين بارتدادها وكذا هو ظاهر في أنه لا فرق في ذلك بين المختارة منهن الدنيا كفاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابي في رواية ابن إسحاق والمختارة الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم كنسائه عليه الصلاة والسلام التسع اللاتي توفي عنهن.
وللعلماء في حل مختارة الدنيا للأزواج طريقان ، أحدهما طرد الخلاف ، والثاني القطع بالحل واختاره الإمام والغزالي عليهما الرحمة ، وكأن من قال بحل غير المدخول بها وبحل المختارة المذكورة حمل الأزواج على من كن في عصمته يوم نزول الآية وعلى من يشبههن ولسن إلا المدخولات بهن اللاتي اخترنه عليه الصلاة والسلام ، وإذا حمل ذلك وأريد بقوله تعالى : (مِنْ بَعْدِهِ) من بعد فراقه يلزم حرمة نكاح من طلقها صلىاللهعليهوسلم من تلك الأزواج على المؤمنين وهو كذلك ، ومن هنا اختلف القائلون بانحصار طلاقه صلىاللهعليهوسلم بالثلاث فقال بعضهم : تحل له عليه الصلاة والسلام من طلقها ثلاثا من غير محلل ، وقال آخرون ، لا تحل له أبدا ، وظاهر التعبير بالأزواج عدم شمول الحكم لأمة فارقها صلىاللهعليهوسلم بعد وطئها.
وفي المسألة أوجه ثالثها أنها تحرم إن فارقها بالموت كمارية رضي الله تعالى عنها ولا تحرم إن باعها أو وهبا في الحياة.
وحرمة نكاح أزواجه عليه الصلاة والسلام من بعده من خصوصياته صلىاللهعليهوسلم ، وسمعت عن بعض جهلة المتصوفة أنهم يحرمون نكاح زوجة الشيخ من بعده على المريد وهو جهل ما عليه مزيد (إِنَّ ذلِكُمْ) إشارة إلى ما ذكر من إيذائه عليه الصلاة والسلام ونكاح أزواجه من بعده ، وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلته في الشر والفساد (كانَ عِنْدَ اللهِ) في حكمه عزوجل (عَظِيماً) أي أمرا عظيما وخطبا هائلا لا يقادر قدره ، وفيه من تعظيمه تعالى لشأن رسوله صلىاللهعليهوسلم وإيجاب حرمته حيا وميتا ما لا يخفى.
ولذلك بالغ عزوجل في الوعيد حيث قال سبحانه : (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً) مما لا خير فيه على ألسنتكم كأن تتحدثوا بنكاحهن (أَوْ تُخْفُوهُ) في صدوركم (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) كامل العلم فيجازيكم بما صدر عنكم من المعاصي البادية والخافية لا محالة ، وهذا دليل الجواب والأصل إن تبدوا شيئا أو تخفوه يجازكم به فإن الله إلخ.
وقيل هو الجواب على معنى فأخبركم أن الله إلخ ، وفي تعميم (شَيْءٍ) في الموضعين مع البرهان على المقصود من ثبوت علمه تعالى بما يتعلق بزوجاته صلىاللهعليهوسلم مزيد تهويل وتشديد ومبالغة الوعيد ، وسبب نزول الآية على ما قيل : إنه لما نزلت آية الحجاب قال رجل : أننهى أن نكلم بنات عمنا إلا من وراء حجاب لئن مات محمد صلىاللهعليهوسلم لنتزوجن نساءه ، وفي بعض الروايات تزوجت عائشة أو أم سلمة.
وأخرج جويبر عن ابن عباس أن رجلا أتى بعض أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم فكلمها وهو ابن عمها فقال النبي عليه الصلاة والسلام : لا تقومن هذا المقام بعد يومك هذا فقال : يا رسول الله إنها ابنة عمي والله ما قلت لها منكرا ولا قالت لي قال النبي صلىاللهعليهوسلم : قد عرفت ذلك أنه ليس أحد أغير من الله تعالى وأنه ليس أحد أغير مني فمضى ثم قال عنفني من كلام ابنة