على اللسان (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) أي في سرد الحديث بأن تتكلم بالحكمة على قدر ما يتحمله عقل مخاطبك ، وقد ورد كلموا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم.
ومن هنا يصعب الجواب عمن تكلم من المتصوفة بما ينكره أكثر من يسمعه من العلماء وبه ضل كثير من الناس (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) ريح العناية (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) فكان يتصرف بالهمة وقذف الأنوار في قلوب متبعيه من مسافة شهر (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ) إشارة إلى قوة باطنه حيث انقاد له من جبل على المخالفة وفعل الشرور (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) وهو من شكره بالأحوال أعني التخلق بأخلاق الله تعالى : (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) فيه إشارة إلى أن الضعيف قد يفيد القوي علما (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها) وهي مقامات أهل الباطن من العارفين (قُرىً ظاهِرَةً) وهي مقامات أهل الظاهر من الناسكين (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ) في ليالي البشرية (وَأَيَّاماً) في أيام الروحانية (آمِنِينَ) في خفارة الشريعة.
وقال بعض الفرقة الجديدة الكشفية : القرى المبارك فيها الأئمة رضي الله تعالى عنهم والقرى الظاهرة الدعاة إليهم والسفراء بينهم وبين شيعتهم (وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بميلهم إلى الدنيا وترك السير لسوء استعدادهم (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ) فيه إشارة إلى أن الهيبة تمنع الفهم (وَما أَرْسَلْناكَ) أي ما أخرجناك من العدم إلى الوجود (إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) الأولين والآخرين (بَشِيراً وَنَذِيراً) وهذا حاله عليه الصلاة والسلام في عالم الأرواح وفي عالم الأجساد (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) إذ لا نور لهم يهتدون به (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ) هؤلاء قطاع الطريق على عباد الله تعالى ومثلهم المنكرون على أولياء الله تعالى الذين ينفرون الناس عن الاعتقاد بهم واتباعهم (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي) إن النفس لأمارة بالسوء (وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) من القرآن وفيه إشارة إلى أنه نور لا يبقى معه ديجور أو مراتب الاهتداء به متفاوتة حسب تفاوت الفهم الناشئ من تفاوت صفاء الباطن وطهارته ، وقد ورد أن للقرآن ظاهرا وباطنا ولا يكاد يصل الشخص إلى باطنه إلا بتطهير باطنه كما يرمز إليه قوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة : ٧٩] نسأل الله تعالى أن يوفقنا لفهم ظاهره وباطنه إلى ما شاء من البطون فإنه جل وعلا القادر الذي يقول للشيء كن فيكون.