الثالث : الذي عقد الله عليكم وعقدتم بعضكم على بعض ؛ قاله الزجاج.
الرابع : عقد النكاح والشركة واليمين والعهد والحلف ، وزاد بعضهم البيع ؛ قاله زيد ابن أسلم.
الخامس : الفرائض ؛ قاله الكسائي ؛ وروى (١) الطبري أنه أمر بالوفاء بجميع ذلك.
قال ابن العربي : وهذا الذي قاله الطبري صحيح ، ولكنه يحتاج إلى تنقيح ـ وهي :
المسألة السابعة ـ قال : وذلك أن أصل (ع ه د) (٢) في اللغة الإعلام بالشيء ، وأصل العقد (٣) الربط والوثيقة ، قال الله سبحانه (٤) : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً).
وقال عبد الله بن عمر : الدينار بالدينار والدّرهم بالدرهم لا فضل بينهما ، هذا عهد نبيّنا إلينا وعهدنا إليكم.
وتقول العرب : عهدنا أمر كذا وكذا ؛ أي عرفناه ، وعقدنا أمر كذا وكذا ؛ أى ربطناه بالقول كربط الحبل بالحبل ؛ قال الشاعر (٥) :
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم |
|
شدّوا العناج (٦) وشدّوا فوقه الكربا |
وعهد الله إلى الخلق إعلامه بما ألزمهم وتعاهد القوم : أي أعلن بعضهم لبعض بما التزمه له وارتبط معه إليه وأعلمه به ؛ فهذا دخل أحد اللفظين في الآخر ، فإذا عرفت هذا علمت أن الذي قرطس (٧) على الصواب هو أبو إسحاق (٨) الزجاج ، فكلّ عهد لله سبحانه أعلمنا به ابتداء ، والتزمناه نحن له ، وتعاقدنا فيه بيننا ، فالوفاء به لازم بعموم هذا القول المطلق الوارد منه سبحانه علينا في الأمر بالوفاء به.
__________________
(١) ـ في ل : ورأى.
(٢) في ل : العهد.
(٣) في ل : وأصله عقدة.
(٤) سورة طه ، آية ١١٥
(٥) البيت للحطيئة ـ كما في اللسان ـ عنج.
(٦) العناج : خيط أو سير يشد في أسفل الدلو ثم يشد في عروتها. والكرب : الحبل الذي يشد على الدلو بعد الحبل الأول. وهذا أمثال ضربها الحطيئة لإيفائهم بالعهد.
(٧) يقال رمى فقرطس : أى أصاب القرطاس. والرمية التي تصيب : مقرطة (اللسان).
(٨) في ا : أبو القاسم. والمثبت من ل.