بعجل سمين. وفي آخر : فجاء بعجل حنيذ ، أى مشوىّ ، ووصفه بالطيبين : طيب السمن ، وطيب العمل بالإشواء ، وهو أطيب للمحاولة في تناوله ، فكان لإبراهيم فيه ثلاث خصال : الضيافة ، والمبادرة بها جيدا (١) لسمن فيها وصفا.
المسألة الثامنة ـ قال بعض علمائنا : كانت ضيافة قليلة فشكرها الحبيب من الحبيب ، وهذا تحكّم بالظن (٢) في موضع القطع [و] (٣) بالقياس في موضع النقل ، من أين علم أنه قليل؟ بل قد نقل المفسرون أنّ الملائكة كانوا ثلاثة : جبريل وميكائيل وإسرافيل ، وعجل لثلاثة عظيم ، فما هذا التفسير في كتاب الله بالرأى؟ هذا بأمانة الله هو التفسير المذموم ، فاجتنبوه فقد علمتموه.
المسألة التاسعة ـ السّنّة إذا قدّم للضيف الطعام أن يبادر المقدّم إليه بالأكل منه ، فإنّ كرامة صاحب المنزل المبادرة بالقبول ، فلما قبض الملائكة أيديهم نكرهم إبراهيم ، لأنهم خرجوا عن العادة ، وخالفوا السنّة ، وخاف أن يكون وراءهم مكروه يقصدونه.
وقد كان من الجائز ـ كما يسّر الله للملائكة أن يتشكلوا في صفة الآدمي جسدا وهيئة ـ أن ييسّر لهم أكل (٤) الطعام ، إلا أنه في قول العلماء ، أرسلهم في صفة الآدميين ، وتكلّف إبراهيم الضيافة حتى إذا رأى التوقّف ، وخاف جاءته البشرى فجأة ، وأكمل المبشرات (٥) ما جاء فجأة ولم يظنّه المسرور حسابا.
الآية الخامسة ـ قوله تعالى (٦) : (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ كان شعيب كثير الصلوات مواظبا للعبادة ، فلما أمرهم ونهاهم عيّروه بما رأوه يستمرّ عليه من كثرة الطاعة.
المسألة الثانية ـ قوله : (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا) قال ابن وهب : قال مالك : كانوا يكسرون الدنانير والدراهم. وكذلك قال جماعة من
__________________
(١) في ا : حنذ.
(٢) في م : وهذا حكم من الظن.
(٣) ليس في م.
(٤) في م : ذكر.
(٥) في م : المسرات.
(٦) آية ٨٧.