ومجاورة قبره ؛ ومسجده ؛ وموضع مهاجرته وتركوه خائفا مرعوبا : لا يستقر في قرار ، ولا يأوي إلى وطن ، يريدون بذلك قتله ، وسفك دمه ، وهو لم يشرك بالله شيئا ، ولا اتخذ دون الله وليا ، ولم يتغير عما كان عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله وخلفاؤه من بعده».
فقال ابن عباس : ما أقول فيهم ، إلّا أنهم كفروا بالله ورسوله (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى) التوبة / ٥٤ ، (يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) النساء / ١٤٢ و ١٤٣ ، فعلى مثل هؤلاء تنزل البطشة الكبرى ، وأما أنت أبا عبد الله! فإنّك رأس الفخار ، ابن رسول الله ، وابن وصيه ، وفرخ الزهراء نظيرة البتول ، فلا تظن يا ابن رسول الله بأنّ الله غافل عما يعمل الظالمون ، وأنا أشهد أنّ من رغب عن مجاورتك ومجاورة بنيك (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) البقرة / ٢٠٠.
فقال الحسين : اللهمّ! اشهد ، فقال ابن عباس : جعلت فداك ، يا ابن رسول الله! كأنك تنعى إليّ نفسك ، وتريد مني أن أنصرك ، فو الله ، الذي لا إله إلّا هو لو ضربت بين يديك بسيفي حتى ينقطع وتنخلع يداي جميعا لما كنت أبلغ من حقك عشر العشير ، وها أنا بين يديك فمرني بأمرك.
فقال ابن عمر : اللهمّ! عفوا ، ذرنا من هذا يا ابن عباس! ثم اقبل ابن عمر على الحسين ، وقال له : مهلا ، أبا عبد الله عما أزمعت عليه ، وارجع معنا إلى المدينة ، وادخل في صلح القوم ، ولا تغب عن وطنك ، وحرم جدّك ، ولا تجعل لهؤلاء القوم الذين لا خلاق لهم على نفسك حجّة وسبيلا ، وإن أحببت أن لا تبايع فإنك متروك حتّى ترى رأيك ، فإنّ يزيد بن معاوية عسى أن لا يعيش إلّا قليلا ، فيكفيك الله أمره.
فقال الحسين : «اف لهذا الكلام أبدا! ما دامت السماوات والأرض ،