المؤمنين ، أما بعد ـ فقد علمتم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد قال في حياته : من رأى سلطانا جائرا ، مستحلا لحرم الله ، ناكثا لعهد الله ، مخالفا لسنة رسول الله ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، ثمّ لم يغير بقول ولا فعل ، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله ، وقد علمتم أنّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان ، وتولوا عن طاعة الرحمن ، وأظهروا في الأرض الفساد ، وعطلوا الحدود والأحكام ، واستأثروا بالفيء ، وأحلّوا حرام الله ، وحرّموا حلاله ، وإني أحقّ بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد أتتني كتبكم ، وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني ، فإن وفيتم لي ببيعتكم فقد أصبتم حظّكم ورشدكم ، ونفسي مع أنفسكم ، وأهلي وولدي مع أهليكم وأولادكم ، فلكم بي اسوة ، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهودكم ونكثتم بيعتكم ، فلعمري ، ما هي منكم بنكر ، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي ، والمغرور من اغترّ بكم ، فحظّكم أخطأتم ونصيبكم ضيعتم (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) وسيغني الله عنكم الفتح / ١٠ ، والسّلام».
ثمّ طوى الكتاب وختمه ودفعه إلى ـ قيس بن مسهر الصيداوي ـ وأمره أن يسير إلى ـ الكوفة ـ فمضى قيس بن مسهر يريد الكوفة ، وعبيد الله ابن زياد قد وضع المراصد والمسالح على الطرق والشوارع ، فليس أحد يقدر أن يجوز ، فلما قارب قيس الكوفة ، لقيه الحصين بن نمير السكوني ، فلما نظر إليه قيس كأنه أحسّ بأنّه يقبضه ، فأخرج الكتاب سريعا ومزقه ، وأمر الحصين أصحابه ، فأخذوا قيسا وأخذوا الكتاب ممزّقا ، حتى اتي به الى ابن زياد واخبر بقصته ، فقال له ابن زياد : من أنت؟ قال : رجل من شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال : لم خرّقت الكتاب الذي معك؟ قال : خوفا أن تعلم ما فيه ، فقال : ممّن كان هذا الكتاب ، وإلى من كان؟