قال : من الحسين إلى جماعة من ـ أهل الكوفة ـ لا أعرف أسماءهم ، فغضب ابن زياد وقال : والله ، لا تفارقني حتى تدلني على هؤلاء القوم المكتوب إليهم ، أو تصعد المنبر فتلعن حسينا وأباه وأخاه ، فتنجو من يدي ، أو لأقطعنّك إربا إربا ، فقال قيس : أما هؤلاء المكتوب إليهم فإني لا أعرفهم ، وأما اللعن فاني أفعل ، فأمر عبيد الله أن يدخل المسجد الأعظم ويصعد المنبر ، وتجمع الناس ليلعن ، وتسمع النّاس ، فادخل المسجد ، وجمع النّاس للاستماع ، فاصعد المنبر ووثب قائما عليه ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على محمّد وأهل بيته ، وأكثر الترحم على «عليّ بن أبي طالب» وولديه «الحسن والحسين» (عليهم الصلاة والسلام) ولعن يزيد بن معاوية وعتاة بني اميّة وطغاتهم ، وأكثر اللعن على ـ عبيد الله بن زياد ـ ثمّ دعا إلى نصرة الحسين وحثّ الناس عليها ، فاخبر ابن زياد بذلك ، فأمر أن يصعد به القصر ، ويرمى من أعلاه ، فاصعد أعلى القصر ، ورمي به على أم رأسه ، فاندقت عنقه وخرج دماغه من اذنيه ، فبلغ ذلك الحسين فاستعبر باكيا ، وقال : «اللهم اجعل لنا ولشيعتنا عندك منزلا كريما ، واجمع بيننا وبينهم في مستقر رحمتك ، إنّك على كلّ شيء قدير».
قال : وقال للحسين رجل من شيعته ، يقال له : «هلال بن نافع الجملي» : يا ابن رسول الله! أنت تعلم أن جدّك رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقدر أن يشرب النّاس محبّته ، ولا أن يرجعوا الى ما كان أحبّ ، فكان منهم منافقون يعدونه بالنصر ويضمرون له الغدر ، يلقونه بأحلى من العسل ، ويخلفونه بأمرّ من الحنظل ، حتّى قبضه الله تبارك وتعالى إليه ، وأنّ أباك عليا (صلوات الله عليه) قد كان في مثل ذلك ، فقوم قد أجمعوا على نصرته ، وقاتلوا معه الناكثين ؛ والقاسطين ؛ والمارقين ، وقوم قعدوا عنه وخذلوه حتى مضى إلى