ابن الزبير : نعم ، فافعل ، فجاء العباس إلى المختار وسلّم عليه ، وسأله عن بني عمه بالطائف ، ثم قال له : يا أبا إسحاق! ليس مثلك من يغيب عما اجتمع عليه أهل الشرف وبيوتات العرب ، فقال المختار : وما ذاك؟ قال : انه لم تبق قبيلة من العرب إلّا جاء عميدها وزعيمها فبايع عبد الله بن الزبير ، فعجب منك ومن رأيك أن لا تكون آتيته فأخذت بحظك من هذا الأمر ، فقال يا أخا الأنصار! إنّك لتعلم أني أتيته في العام الماضي ، وأشرت عليه بالرأي ودعوته إلى حظه ، فطوى أمره دوني وأراني نفسه مستغنيا عني فأحببت أن يراني مستغنيا عنه ، فو الله ، لهو أحوج إليّ مني إليه ، فقال العباس : صدقت يا أبا إسحاق! قد كان ذلك ، غير أنك كلمته وهو ظاهر في المسجد ، وهذا كلام لا يكون إلّا والستور دونه مسدولة والأبواب فوقها مغلقة ، ولكن ألقه الليلة وأنا معك حتى تسمع كلامه ويسمع كلامك ، قال : نعم.
فلمّا صليت العشاء الآخرة ذهب المختار والعباس إلى ابن الزبير ، فمد يده ابن الزبير إلى المختار وصافحه ورحب به وسأله عن حاله؟ ثم قال : يا أبا إسحاق! إنك كلمتني بذاك الكلام والناس حضور وللحيطان آذان ، وليس من أحد إلّا وله عدو وصديق ، وهذا وقت خلوة فهات ما بدا لك ، فقال المختار : إنه لا خير في الإكثار من الكلام ولا حظ في التقصير عن الحاجة ، وأنت اليوم رجل قومك وقد جئتك لابايعك على أن لا تقضي الامور دوني ، وعلى أن أكون أوّل من تأذن له وآخر من يخرج من عندك ، فإذا أظهرك الله على يزيد استعنت بي على أفضل أعمالك فانتفع وأرد على أهل بيتي شيئا.
فقال ابن الزبير : يا أبا إسحاق! ابايعك على كتاب الله وسنة نبيه ،