فقال المختار : لو جاءك عبد أسود لبايعته على كتاب الله وسنة نبيه ، فأبى ابن الزبير غير هذا ، فقال العباس : جعلت فداك اشتر منه دينه حتى ترى رأيك ويرى هو رأيه ، فقال ابن الزبير : يا ابا إسحاق! فإني ابايعك على ما سألت ، ثمّ بسط يده فبايعه المختار ثم انصرف إلى منزله ، وكان عنده إلى أن جاء أخوه عمرو بن الزبير مع أهل الشام يقاتل أخاه عبد الله بين مكة والمدينة ، فخرج إليه المختار ، وأبلى بلاء حسنا في قتاله دون عبد الله ، وأسر عمرا وفر أهل الشام ، فلما جيء بعمرو إلى أخيه قال : من كان له مظلمة عند عمرو فليقم؟ فقام جماعة ، فمن يقول : صفعني ، يقول له اصفعه ، ومن يقول : ضربني ، يقول له : اضربه ، وإنما كانت عنده هذه المظالم لأنه كان صاحب شرطة أمير المدينة عمرو بن سعيد بن العاص حتى جاءه مصعب بن سعيد بن عبد الرحمن بن عوف فقال : يا أمير المؤمنين! انه ضربني مائة سوط بلا ذنب كان مني إلّا ميلي إليك ، فأمر به عبد الله وجرد من ثيابه ، وأمر مصعب بن سعيد فجلده كما جلده مائة سوط ، ثم أمر به عبد الله الى السجن ولم يداوه فمات ، ولما مات ، قيل : إنّه أمر بصلبه فصلب ، وقيل : بل دفن ولم يصلب ، ثم أقبل عبد الله بن الزبير على أصحابه ، فقال : أتدرون لم فعلت بعمرو هذا الفعل؟ قالوا : لا ، قال : إنه صار إلى معاوية زائرا فكتب معاوية الى زيادا بن أبيه بمائة ألف درهم جائزة ففض الكتاب وجعل المائة مائتي الف ، وعلم معاوية أنه عمل على زياد ، فكتب إلى مروان وهو عامله بالمدينة أن يأخذ عمرو بن الزبير بمائة الف درهم ، فأخذه مروان وحبسه ، فصرت إلى مروان وهيأت المائة الف له من نفسي فأعطيتها وأخرجته من سجن مروان ، فكان جزائي منه أن خرج عليّ ويضرب وجهي بالسيف.
قال : فلما بعث يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المري أميرا على أهل