قاتلوا أعداء الله المحلّين فلا ينجيكم اليوم إلّا الصدق واليقين والطعن الشزر ، والضرب الهبر ، ولا يهولنكم ما ترون من عساكرهم فإنّ النصر مع الصبر.
فلما سمع أصحابه ذلك رموا بأنفسهم عن دوابّهم وجثوا على الركب ، وأشرعوا الرماح وجرّدوا الصفاح وفوّقوا السهام ، فثار القتال ، واصطفقوا بالسيوف اصطفاقا ، وتشابكوا مع الأعداء اعتناقا ، وصبر بعضهم لبعض ، فقتل من الفريقين جماعة ، ثم انهزم أصحاب ابن مطيع ، فاقتحم المختار الكوفة ، فتصايحت النسوان وعلت الأصوات بطلب الأمان ، من العجائز والصبيان ، من فوق السطوح وكل مكان ، ونادوا : يا أبا إسحاق! الله الله في الحرم ، فصاح المختار : لا بأس عليكم الزموا منازلكم ، فأنا المسلط على المحلين. وجعل عبد الله بن مطيع يصيح : إنّ من العجب عندي عجزكم عن عصبة منكم قليل عددها ، خبيث دينها ، ضالة مظلّة ، يقاتلون على غير الحقّ ، جرأة على هذا الخلق ، كرّوا عليهم وامنعوا حريمكم ومصركم.
فبينا هو يحرض أصحابه ويشجعهم إذ بإبراهيم وعبيد الله بن الحرقد أقبلا في نحو أربعة آلاف فارس لا يرى منه إلّا الحدق ، فلما نظر إبراهيم إلى ابن مطيع صاح : أنا ابن الأشتر ، أنا الأفعى الذكر ، ثم قال لأصحابه : شدّوا عليهم ، فداكم أبي وخالي ، ولا يهولنكم أسماء قوادهم شبث وحجار وسويد وفلان وفلان فو الله ، لو أذقتموهم شبا الرماح ؛ وحد الصفاح ؛ لما وقفوا لكم أبدا ، احملوا عليهم فداكم أبي وأمي. وحمل فتبعه ابن الحر وتبعه المختار وتبعه أصحابه معهم ، حملة واحدة فانهزم أصحاب عبد الله بن مطيع الى باب المسجد الجامع ، ودخل عبد الله وغلمانه وحشمه وخواص أصحابه قصر الامارة وأغلقوا بابه.