على عبد الله بن الزبير ، فأخبره بخروج ابن زياد من الكوفة إلى البصرة وما حدث في البصرة ، وأنه بقي في الكوفة عمرو بن حريث في أربعة آلاف ، وقال له : ابعث معي مائتي فارس ، فأنطلق بهم إلى الكوفة ، وأقتل ابن حريث ، وآخذ الكوفة وأجبي خراجها وأحمله إليك وأخطب لك فيها.
فأجابه ابن الزبير وعرض عليه عسكره ، فانتخب منه مائتي رجل من شجعانهم ، فلما جنّ الليل دخل على محمد بن الحنفية وأخبره بما كان من أمر البصرة والكوفة ، وقال له : اريد منك كتابين : كتابا إلى إبراهيم بن مالك الأشتر ، وكتابا إلى محمّد بن الأشعث ليسمعا كلامي ويطيعاني وينتهيا إلى أمري حتى آخذ الثأر من قاتلي الحسين بن علي عليهالسلام ، فكتب كتابين له ، فخرج المختار إلى منزله ، وزوّر أربعين كتابا إلى أربعين شيخا من مشايخ الكوفة عن لسان محمد بن علي ، وخرج من مكة ليلا ومعه مائتا فارس ، فجعل يسير الليل ، ويكمن النهار ، حتى ورد القادسية ، فعاج لكربلاء وزار الحسين وبكى ، ثم قال : يا ابن رسول الله! لا خلعت ثيابي هذه حتى أنتقم ممن قتلك وقاتلك أو اقتل.
ثمّ ودّع القبر وسار حتى صار بجبانة الكوفة ، وذلك في أوّل الليل ودخل الكوفة وحده ، ومعه اثنان وأربعون كتابا فقصد إبراهيم وقرع بابه ، ففتح له ودخل ، فلما رآه إبراهيم اعتنقه وقرّبه وقال : يا أبا إسحاق! من أين جئت؟ وأين كنت؟ قال : من مكة وفي مكة. قال : كيف خلفت سيدنا محمد بن علي؟ قال : بخير وهو يقرأ عليك السلام ، وأعطاه كتابه إليه فتناوله إبراهيم وقبّله وبكى ، ثم فضّه وقرأه وعجب بما فيه فحرّك رأسه ، فقال المختار : ممّ حركت رأسك ، لعله ثقل عليك أن تبايعني؟ فناولني الكتاب فلا حاجة لي في بيعتك ، ولكن لا تكن عليّ كما لم تكن لي ، فقال