إبراهيم : سبحان الله يا أبا إسحاق! بل السمع والطاعة لأمر سيدنا محمد ، مد يدك ، فمدّها فبايعه وأخذ مواثيقه ، وكان إذا ركب إبراهيم ركب ثلاثمائة فارس معه من مواليه وموالي أبيه ، فلما بايع المختار قال إبراهيم : قم معي إلى محمد بن الأشعث ندفع إليه الكتاب ، فقاما إليه وقرعا الباب ، فلما دخلا أجلسهما وجلس فأعطاه المختار الكتاب ففضه وقرأه ، فحرّك رأسه كما فعل إبراهيم ، فقال له المختار كما قال لإبراهيم فقال : ظننت أن سيدنا محمد يأمرك بالبيعة لي فحرّكت رأسي ، ثم بايعه محمد ، فقال لهما المختار : قوما معي فإن معي هذه الكتب ندفعها إلى مشايخ الكوفة وهي أربعون كتابا. فقاما معه حتى فرق تلك الكتب إلى أهلها وأخذ منهم البيعة ، ثم إنّ المختار جمعهم في منزل إبراهيم فدبروا في قتل عمرو بن حريث خليفة عبيد الله ، وكان عمرو في أربعة آلاف وكان مع المختار مائتا فارس ؛ ومع إبراهيم ثلاثمائة ؛ ومع محمد بن الأشعث مائتان ، ثم قال للمشايخ : أخبروني كم يركب معكم؟ فقالوا : شأنك والقوم فإنّ كل واحد يكفيك محلّته ودربه ، فكبّر المختار وقال : الآن آخذ بثأر آل محمّد ورب الكعبة.
ثم قال لمحمد بن الأشعث : اركب الآن في أصحابك وأخرج بعلّة الصيد ، وانتح بعسرك الحيرة ، واركب أنت يا إبراهيم! إذا انتصف النهار وادخل على ابن حريث ، وقل له : إنّ أهل البصرة قد هزموا الأمير عبيد الله ابن زياد وإني خارج إلى نصرته ، فما ذا تأمر؟ ثم إنك إن تمكنت فاقتله ، ثم اضرب بطبله فكل من خرج من أعوانه وأصحابه فضع السيف فيهم ، ومن هرب منهم إلى الحيرة ، فاقتله أنت يا محمد! ومن هرب إلى الجبانة قتلته أنا في عسكري ، ومن هرب منهم في السكك والأزقّة فاقتلوهم أنتم أيها المشايخ! وغلّقوا الدروب جيدا واستوثقوا من المحال.