فارس تحكم الديانة المجوسية عقائديا وكسرى قائدا ، وفي الروم الديانة المسيحية وقيصر قائدا ، وفي الحبشة الديانة المسيحية أيضا والنجاشي ـ بناء على أنه اسم للحاكم المطلق لا لشخص معين ـ قائدا ، وهكذا الأقباط في مصر كانوا مسيحيين ولهم قائد واحد.
ولما جاء الإسلام ، جاء بقول : (لا إله إلا الله ، محمد رسول الله) ، هاتان الشهادتان اللتان كانتا لب اللباب المنجي للعرب من حالتهم اللا متوازنة آنذاك ، إذ أن الشهادة الأولى كانت تعني جمع العرب أولا ـ ومن ثم العالم ـ على اعتقاد واحد بوحدانية المعبود ، والشهادة الثانية تعني إنهاء حالة التعددية القيادية والمناحرات القبلية ..
فالشهادتان تمثلان العمودين الأساسيين لتكوين مجتمع راق يخضع لقوانين الله سبحانه وتعالى ، لتوحيدهم فكريا على الله جل جلاله ، وسياسيا واجتماعيا على محمد بن عبد الله.
هذا ، ونحن بإيضاحنا هذه الحالة المعيشية والاجتماعية والثقافية في الجزيرة العربية ، نتوخى إيقاف القارئ على عظمة الإسلام الذي جعل منهم خلال ربع قرن أمة تقود العالم وتحطم أكبر دولتين آنذاك ، كما رجونا أن يتبين لنا خلال الدراسة أثر هذه الرواسب على التاريخ والتشريع الإسلامي ، وخصوصا على تاريخ الحديث وسنة رسول الله من بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم.
تأثير اليهود على عرب الجزيرة :
عرفنا ـ على ضوء الصفحات السابقة ـ أن عرب شبه الجزيرة لم تكن لهم مدنية راقية ولا ثقافة عالية ، وأنهم قد تأثروا كثيرا بالوافدين كيهود فلسطين و... ، وكانوا يرجعون إليهم في كثير من الأمور لكونهم قادمين من