حضارات عريقة يحملون معهم أخبار الديانات والمغيبات ، وأنهم أصحاب كتب ومدونات ، فكانوا ينظرون إليهم نظر التلميذ إلى معلمه ، ويعدوهم مصدر الثقافة الدينية والعملية ، فما عرض الإسلام على قبيلة أو عشيرة منهم إلا وهرعوا إلى مناطق اليهود يستفتونهم في قبول هذا الأمر أو رده.
١ ـ ومما جاء في هذا الأمر أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا قبيلة كندة إلى الإسلام ، فأبوا قبوله ، فأخبرهم شخص أنه سمع من اليهود أنهم قالوا : إنه سوف يظهر نبي من الحرم قد أظل زمانه (١). وهذا الخبر دعاهم للتثبيت أكثر في الأمر ، ثم قبوله.
٢ ـ نجد قبيلة بكاملها تذهب إلى يهود فدك لتسألها عن قبول الإسلام أو رده (٢).
جاء في الإصابة : أن وفد الحيرة وكعب بن عدي أسلما على يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولما توفي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ارتابوا إلا كعبا فإنه استدل على إسلامه بقوله : إني خرجت أريد المدينة فمررت براهب كنا لا نقطع أمرا دونه ... (٣)
٤ ـ نقل ابن عباس عن حي من الأنصار كانوا أهل وثن ، أنهم كانوا يرون لليهود المجاورين لهم فضلا عليهم في العلم ، وكانوا يقتدون بكثير من فعلهم (٤).
إلى غير ذلك في النصوص الدالة على اعتقاد عرب شبه الجزيرة قبل الإسلام باليهود. وأنهم أهل الفضل والعلم وممن يرجع إليهم في أمر الحياة
__________________
(١) دلائل النبوة ـ لأبي نعيم ـ : ١١٣.
(٢) البداية والنهاية ٣ / ١٤٥ ، دلائل النبوة ـ لأبي نعيم ـ : ١٠٢.
(٣) الإصابة ٣ / ٢٩٨.
(٤) الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير : ١٠٩.