الباب الأول
عصر التأصيل
ويقع البحث فيه في خمسة مراحل :
المرحلة الأولى
العرب وحديث محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل البعثة
كانت العرب قبل الإسلام تذكر محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالفضل والنبل والعزة والكمال ، وتلقبه بالصادق الأمين ، لما عرفوا في حديثه من الصدق ، وما عاينوا عنده من الأمانة ، حتى نقل ابن برهان الحلبي : أن العرب كانت تتحاكم إليه في الجاهلية لأنه كان لا يداري ولا يماري (١) ، وكانوا لا يستغنون عنه في أحلافهم ، ويحكمونه في نزاعاتهم لما أدركوه فيه من مؤهلات.
فمما جاء عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه اشترك في حلف الفضول وعمره لا يتجاوز العشرين عاما ، مناصرة للمظلوم أمام الظالم كائنا من كان ، وقد وصف صلىاللهعليهوآلهوسلم حضوره في ذلك الحلف بقوله : لقد حضرت في دار عبد الله ابن جذعان حلفا ما سرني به حمر النعم ، ولو دعيت إلى مثله لأجبت (٢).
وحكم صلىاللهعليهوآلهوسلم بين القبائل في وضع الحجر الأسود ، وذلك بعد أن أتمت القبائل تجديد البيت الحرام ، فتنازعوا بينهم في الذي يضع الحجر
__________________
(١) السيرة الحلبية ١ / ١٤٥.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٤ / ١٢٩ ، البداية والنهاية ٢ / ٢٩٣ ، الأغاني ١٦ / ٦٥ ـ ٧٠.