الأسود مكانه ، فاقترح أبو أمية بن المغيرة ـ والد أم سلمة ـ أن يحكموا أول داخل عليهم من باب السلام ، فإذا بمحمد بن عبد الله دخل ، فلما رأوه قالوا : هذا الأمين رضينا.
فأخبر صلىاللهعليهوآلهوسلم الخبر ، فبسط إزاره ـ وفي نص آخر طلب ثوبا ـ ثم أخذ الحجر فوضعه فيه بيده.
ثم قال : لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ، ثم رفعوه جميعا ، فلما حاذى الموضع أخذه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بيده الشريفة فوضعه في مكانه (١).
نعم ، كانت العرب تعز الرسول وتبجله ، وتقر له بالفضل والكمال ، والنبل والأمانة ، والصدق في الحديث وحسن الإدارة والسياسة ، وأنه كان لو دعاهم إلى أمر استجابوا إليه.
فجاء عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه في بداية دعوته المباركة صعد الصفاء ـ وهو موضع بمكة ـ وجعل ينادي : يا بني فهر ، يا بني عدي ، يا بني عبد المطلب ، وذكر الأقرب فالأقرب حتى اجتمعوا ، ومن لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولا لينظر له ما يريد.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا في سفح هذا الجبل قد طلعت عليكم أكنتم مصدقي؟
فقالوا بلسان واحد : نعم ، أنت عندنا غير متهم ، وما جربنا عليك كذبا قط.
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إني نذير لكم من عذاب شديد ، يا بني عبد المطلب ، ويا بني عبد مناف ، ويا بني زهرة ، ويا بني تيم ، ويا بني مخزوم وأسد ،
__________________
(١) أنظر : السيرة النبوية ـ لابن هشام ١ / ٢٠٩ ، البداية والنهاية ٢ / ٣٠٣ ، وشرح نهج البلاغة ١٤ / ١٢٩.