وقد تطور هذا التيار المنفلت التفكير ، المهاض الجناح ، فيما بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وظهر بأشكال وطروحات شتى ، حتى روى بعضهم أسطورة الغرانيق (١) ، وأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اشتبه عليه الوحي بالشيطان (٢) ـ والعياذ بالله ـ!.
ورووا أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم تزوج السيدة خديجة بنت خويلد بعد أن سقت أباها خمرا ، فأجاب إلى نكاحه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو سكران (٣) ، بعد أن كان لا يزوجه وهو في صحوته! متشبثين بأن ذلك كان قبل بعثته.
ووصل هذا التفكير إلى كثير من مشهوري الصحابة ، حتى إن السيدة عائشة قالت لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات مرة : «تكلم ، ولا تقل إلا حقا» (٤)! فافترضت فيه الكذب وإمكان قوله بالباطل والعياذ بالله.
وجابهته مرة أخرى قائلة : «أنت الذي تزعم أنك نبي الله» (٥) و...
وامتد هذا المسار واستفحل بمرور الزمان حتى قال الخليفة عمر قبيل وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن الرجل ليهجر» (٦) ، ومعناه إمكان احتمال الجزاف وغير الصواب في قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وتطور الأمر بأخرة حتى صرح بعضهم أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مجتهد كسائر
__________________
(١) تفسير الطبري ١٧ / ١٣١ ـ ١٣٤ ، الدر المنثور ٣ / ٣٦٨ ، الطبقات الكبرى ١ / ١٥٤ و ١٣٠.
(٢) أنظر تفسير الطبري ٩ / ١٧٥ ـ ١٧٨ ح ٢٥٣٢٧ ـ ٢٥٣٤١. (يلاحظ ويوحد)
(٣) الطبقات الكبرى ١ / ١٣٢.
(٤) أنظر : دلائل الصدق ٣ / ٦٤٥ ، إحياء علوم الدين ٥ / ٣٥.
(٥) أنظر : إحياء علوم الدين ٥ / ٣٥ ، مكاشفة القلوب : ٢٣٨.
(٦) صحيح البخاري ١ / ٦٦ ذ ح ٥٥ ، شرح النووي على مسلم ١١ / ١٠١ ، مسند أحمد ١ / ٣٥٥ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٩٣.