وأفعاله وتقريراته بأنها أمور شخصية ، قابلة للخطأ والصواب ، وقد جاء الإسلام ليحطم تلك النظرة الزائفة ، وقد نجح في إنهائها إلى حد كبير ، لكن بقيت لها مخلفات وآثار سلبية على الحديث الشريف والسنة النبوية ، فقد اتفق المسلمون على حجية أقواله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكن الموروث سبب النزاع في ما هو الحجة؟ وما هو إطاره؟ فإنه لا ينكر أحد بأن لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحاديث كثيرة من بدء البعثة إلى وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن تلك الأحاديث كانت محط أنظار المعاصرين لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما كانت في نفس الأمر والواقع الإلهي كلها حجة بالغة ، وتبيانا لما ورد في كتاب الله ، وتعليما للمسلمين ، وبالتالي فلم يقع النزاع في حجية أقواله صلىاللهعليهوآلهوسلم إجمالا بين المسلمين ، لكن النزاع كان في ما هو الحجة من كلامه؟
فقد كان رهط من المسلمين ينظرون إلى أن جميع أحاديث النبي ـ في الأحكام والموضوعات والأمور الخارجية ـ حجة لا مناص عنها ، لأنه سبحانه قال : (ما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) (١) وهذا النص عام شامل لجميع أقواله في شتى الأمور ، فكان هؤلاء يستجيبون لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا نقاش ولا مراء ، ويمتثلون أوامره ونواهيه.
وكانت هناك فرق أخرى تنظر إلى أقواله وأفعاله نظرة ناقصة مبتورة ، يجمعها جميعا أنها تفترض إمكان الخطأ في كلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأفعاله وتقريراته ، وهذا النمط من الصحابة كان يعترض على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أفعاله وحروبه ومصالحاته ، بل كان منهم من يصرح بأنه لو وجد أتباعا لما دخل في صلح الحديبية!
__________________
(١) سورة النجم ٥٣ : ٣ و ٤.