مناقشة روايات أبي سعيد الخدري :
١ ـ أما ما رواه همام بن يحيى ، بسنده عن أبي سعيد من أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ، فمن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه» ، فيرد عليه بسؤال نطرحه ، وهو :
هل إن جملة «لا تكتبوا» و «من كتب عني» هي حكم قطعي ، وقد رفع في الزمن الأخير من عهد الرسول ـ كما يذهب إليه بعضهم (١) ـ أم إنه عام وشامل لكل العصور؟
فإن قيل بالقول الأول ، فإننا نتساءل : لماذا نهى الخليفة الثاني عن الكتابة لاحقا؟! (٢).
وما هو سر كراهة بعض الصحابة والتابعين للتدوين لو كان استقر الحال على التدوين في أخريات عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! (٣).
وإن قيل بالقول الثاني ـ وهو الظاهر من العبارة ـ فلم دون الخليفة الأول وغيره من الصحابة الأحاديث؟! (٤).
__________________
(١) مثل الدكتور صبحي الصالح في «علوم الحديث» ، والخطابي البستي في معالم السنن ٤ / ١٨٤ ، والسمعاني في أدب الإملاء والاستملاء : ١٤٦ ، وابن الصلاح في علوم الحديث : ١٨٢ ، والبيهقي ، وابن كثير في اختصار علوم الحديث : ٨٧.
(٢) بل نهى عن التحديث كذلك ، فمنع أبا هريرة ـ انظر : المحدث الفاصل : ٥٥٤ ، البداية والنهاية ٨ / ١٠٦ ـ ، وابن مسعود ـ انظر : الكامل لابن عدي ١ / ١٨ ـ ، وأبا موسى الأشعري ـ انظر : البداية والنهاية ٨ / ١٠٧ ، مستدرك الحاكم ١ / ١٢٥ ـ ووفد الكوفة ـ كما في حديث قرظة بن كعب ـ.
(٣) تقييد العلم : ٣٦ ـ ٦٠ ، السنة قبل التدوين : ٣٠٩.
(٤) تذكرة الحفاظ ١ / ٥ ، حجية السنة : ٣٩٤ ، الاعتصام بحبل الله المتين ١ / ٣٠.