بل لم يستشير الخليفة الثاني الصحابة في تدوين حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ المنهي عنه افتراضا ـ؟! (١).
وكيف بهم يشيرون عليه بذلك لو كانوا قد سمعوا حديث النهي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! (٢).
وما الذي يعنيه قول الخليفة عمر للصحابة : «من كان عنده شئ فليمحه» (٣) أو : «لا يبقين أحد عنده كتابا إلا أتاني به» (٤)؟!
ألا يدل ذلك على وجود مدونات عند الصحابة قبل عهده؟!
وكيف يأمر عمر بن عبد العزيز بتدوين الأحاديث في الزمن المتأخر (٥) ، خلافا لحديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المفترض؟!
وألا يخالف النص السابق ما رواه أبو سعيد الخدري نفسه في قوله : «كنا لا نكتب إلا التشهد» (٦)؟!
ومثله ما جاء عن ابن مسعود مع وجود إضافة : «والاستخارة» (٧)؟!
وهذان النصان دالان على وجود كتابة سوى القرآن ، وجواز تلك الكتابة للمسلمين.
فمما يحتمل هنا ـ قويا ـ هو : أن النص الأول عن أبي سعيد مكذوب
__________________
(١) تقييد العلم : ٤٩ ، حجية السنة : ٣٩٥.
(٢) تقييد العلم : ٤٩ ، حجية السنة : ٣٩٥.
(٣) تقييد العلم : ٥٣ ، حجية السنة : ٣٩٥.
(٤) الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ١ / ١٤٠.
(٥) تقييد العلم : ١٠٥ و ١٠٦ ، سنن الدارمي ١ / ١٢٦ ، صحيح البخاري ١ / ٣٦ ، التاريخ الصغير : ١٠٥ ، الجرح والتعديل ١ / ٢١ ، تاريخ دمشق ٣ / ١٧٥.
(٦) تقييد العلم : ٩٣.
(٧) السنة قبل التدوين : ٣٩٧ عن المصنف ـ لابن أبي شيبة ـ ١ / ١١٥.