الرسول ، فلو كان الحرق شرعيا لاستندوا إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم واحتجوا لفعلهم بفعله ، وحينما لم تكن لهم تلك الحجة الشرعية اضطر اللاحقون لأن يضعوا هذه الفقرة على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لتصحيح فعل السابقين.
الثالثة : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» فإن لنا على هذه المقولة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مؤاخذتين رئيسيتين :
أولاهما : أن الثابت عند المسلمين أن ترك القرآن والانصراف إلى ما سواه منهي عنه ومحرم شرعا ، لكن الادعاء بأن الاشتغال بغير القرآن يؤدي إلى تركه ثم تطبيق ذلك على السنة النبوية فيه من المسامحة ما لا خفاء فيه ، لأن الثابت أن ما يؤدي إلى ترك القرآن هو ما يكون منافيا له ، كالأخذ بالتوراة والإنجيل وما فيهما من العقائد والآراء ، وأما العناية بمفسر القرآن ومبينه فلا مجال لعده موجبا لترك القرآن وهجرانه.
وثانيتهما : أنه كيف ساغ السماح بالتحديث عن بني إسرائيل بلا حرج ، مع وقوفنا على النواهي النبوية المتكررة عن الأخذ بأقوال أهل الكتاب؟!
فنحن لو تأملنا تحذير الله ورسوله وتخوفه على الدين من دور بني إسرائيل في الشريعة ، وتأثر الناس بهم في صدر الإسلام ، حتى إنهم كانوا يسألون اليهود في أحقية اتباع دين محمد وعدمه ، فلو جمعنا كل هذه الحقائق لعرفنا حقائق أخرى مهمة في التشريع الإسلامي.
ولا أدري كيف يمكن للمطالع أن يصدق سماح الرسول بالتحديث عن بني إسرائيل ، مع حظره المدعى عن حديثه ، وهو الصادق المصدق؟!
بل كيف يجيز حرق حديثه ونراه لا يسمح بحرق التوراة والإنجيل؟!