* النص الثاني :
عن أبي هريرة ، فلنا عليه تعليقتان :
الأولى : إن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنما أنا بشر» يدل على أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعتقد بأن ليس لكلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم الحجية الشرعية ، بل هو بشر عادي يقول في الغضب ما لا يقوله في الرضا ، وهذا المدعى نفس مدعى قريش ومقولتها لعبد الله بن عمرو بن العاص : «تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بشر يتكلم في الرضا والغضب؟!».
لكن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان لا يرتضي مقولة قريش ويقول لعبد الله ابن عمرو : «اكتب ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق ـ وأشار بيده إلى فيه ـ» (١).
وهذا هو معنى آخر لقوله تعالى : (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) وهو ما وضحناه في معنى الحديث ، فرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في خبر عبد الله بن عمرو بن العاص ـ لا يقبل دعوى قريش «إنما أنا بشر» ، بل يصرح بأن كلامه صحيح ، وما خرج منه إلا حق ، بخلاف ما جاء في خبر أبي هريرة من أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال بمقولة قريش واعترف بأنه بشر عادي يخطئ ويصيب ، ومعناه أن ليس لكلامه من الحجية شئ!
وهذا كلام باطل لا يقبله أهل التحقيق ولا العقل السليم.
الثانية : إن الدعوة للتحديث وترك التدوين هي من أصول سياسة
__________________
(١) تقييد العلم : ٨٠ ، جامع بيان العلم ١ / ٧١ ، مسند أحمد ٢ / ١٦٢.