الأمر للإيجاب لا للمشورة ، فلو كان المانعون ـ من إتيان الكتاب للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ مصيبين في استنتاجهم لاستحسن صلىاللهعليهوآلهوسلم ممانعتهم ، وسر من موقفهم هذا ، لإصابتهم الحق ، لكن الحال أننا نراه قد امتعض واستاء من فعلهم وقال غاضبا : «قوموا عني» ، معرضا عن آرائهم وتقولاتهم ، لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم علم أن هذا القول سيكون بداية استحكام تيار الرأي أمام السنة المطهرة.
والأقوى من هذا كله أن جملة عمر بن الخطاب عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «غلبه الوجع» ، أو : «إن الرجل ليهجر» تؤكد على أن عمر عرف من الأمر العزيمة لا الرخصة ، لأنا نراه قد جد في عدم تحقق الكتابة ، فلو كانت رخصة لما ألزم عمر نفسه للقول بما قاله.
وبهذا فقد عرفنا أن هؤلاء قد ابتعدوا عن نهجه ، وعصوه في أمره ، وحكموا تيار الرأي أمام السنة وهو حي!
ثالثا : إن الواقعة واضحة وظاهرة في اختلاف الضوابط بين الاتجاهين ، فالذين نهوا عن الكتابة كانت حجتهم مرض النبي وعدم قدرته صلىاللهعليهوآلهوسلم على إقرار القرار الصائب ، لقولهم عنه : «غلبه الوجع» و : «إن الرجل ليهجر» ، لكن الآخرين كانوا لا يقبلون هذا التخرص في حق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومن الطريف أن نرى أتباع نهج الاجتهاد والرأي والداعين إلى ترك الأخذ بقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرضه ـ لقول عمر عنه : غلبه الوجع ـ نراهم يأخذون بما أضافه عثمان بن عفان في وصية أبي بكر قبيل موته ، مع علمهم بأن عثمان قد تصرف في وصية أبي بكر وهو مغمى عليه!!
فلم لم يعد إدخال اسم عمر بن الخطاب في وصية أبي بكر هجرا ،