مع علمهم بأنه مغمى عليه ولا يدرك الأمور؟!
وكيف يطلق «الهجر» و «غلبة الوجع» على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! ومن له كمال الوعي في انتخاب المواقف ، وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لهم : «ائتوني» ، ويقول : «قوموا عني» ، وغيره؟! ولا يمكن إطلاق الهجر على من تتخذ له المواقف وعلى لسانه وهو مغمى عليه لا يدري ماذا يجري من حوله؟!
نعم ، إنهم أخذوا بقول عمر بن الخطاب في تعيين أعضاء الشورى الستة وهو مريض ، ولا يأخذون بكلام سيد الأمة والمرسلين وهو يريد إبعادهم عن الضلالة ، والذي قال عنه الوحي : (ما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى)!!
رابعا : إن اتهام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالهجر وغلبة الوجع ، كان يستبطن دعوة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للمهادنة في أوامر الله تعالى ونواهيه ، ومنها دعوته لعدم كتبه للوصية التي أراد كتابتها ، فكأنهم دعوه إلى ترك الأمور سدى ، بترك تعيين الخليفة ، وترك التدوين ، كما دعوه من قبل لأن يمتثل لكثير من طلباتهم التشريعية ، كصوم الدهر ، وعدم الإحلال إلا معه ، و...
وفي مقابل ذلك كانوا يرون أن لا بد من فتح باب الرأي والاجتهاد وأن تختار قريش لأنفسها كما صرح بذلك عمر بن الخطاب من بعد!
فكان جواب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قاطعا وحاسما ، ذلك بقوله : «دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه» فقد دلل صلىاللهعليهوآلهوسلم على أنه كان بكامل قواه العقلية ، وأنه كان يأمر عن الله وينهى عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنه لا يبدل حكما من تلقاء نفسه ، فهو صلىاللهعليهوآلهوسلم في وضع خير من الوضع الذي يريدونه له ويدعونه إليه من الإفتاء بالرأي والمساومة في أوامر الله ونواهيه ، فكان صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى آخر حياته متعبدا بأوامر الله تعالى ، غير مفت في