وفي سنة ١٢٠٦ ه نزل أصفهان وعزم على السكنى بها ، فاجتمع عليه طلاب العلم الأفاضل حتى عرف في وسطه ، وتألق نجمه ، وطبق ذكره نوادي العلم بها ـ وما أكثرها وأعظمها يومذاك ـ ولم يزل اسمه على مر الزمن يزداد ذيوعا وشيوعا حتى احتل مركزا عظيما وحصل رئاسة عامة ، ومرجعية كبرى ، وزعامة عظمى» (١).
وكان فقيرا لا يملك شروى نقير ، ولم يكن لديه من الكتب إلا مجلدا واحدا من المدارك ، وليس له شئ من الأموال إلا منديلا واحدا لمحل الخبز ، وسكن في مدرسة السلطان المفتوح بابه إلى چهارباغ العباسي المعروفة في أصفهان بمدرسة «چهارباغ» ، واجتمع الطلاب والمشتغلون عنده للتحصيل والتعلم ، حتى عرف في الأوساط العلمية.
«وكانت بينه وبين العالم الزعيم الحاج محمد إبراهيم الكلباسي (٢) صلة متينة ، وصداقة تامة من بدء أمرهما ، فقد كانا زميلين كريمين في النجف تجمع بينهما معاهد العلم ، وشاء الله أن تنمو هذه المودة شيئا
__________________
(١) الكرام البررة ٢ / ١٩٣ ـ ١٩٤ من القسم الأول.
(٢) «هو الشيخ الحاج محمد إبراهيم بن محمد حسن الخراساني الكاخي الأصفهاني الكلباسي ، من أعاظم علماء عصره المشاهير ، ولد في ربيع الآخر ١١٨٠ ه ، هاجر إلى العراق ، فأدرك الوحيد البهبهاني والسيد مهدي بحر العلوم والشيخ كاشف الغطاء ومؤلف الرياض والمقدس الكاظمي ، وحضر عليهم مدة طويلة.
ثم رجع إلى إيران ، فحل في بلدة قم ، واشتغل بها على المحقق القمي ، ثم سافر إلى كاشان ، فحضر على عالمها الشهير النراقي ، ثم عاد إلى أصفهان ، فحفت به طبقاتها ، وألقت إليه الرئاسة أزمتها ... وكان يؤم الناس في مسجد الحكيم ، ويرقى المنبر بعد الصلاة ويعظ الحضور ، وكان في غاية التواضع ، وحسن الخلق ، وسلامة النفس ، وكانت بينه وبين الحجة الكبير (المترجم) صلة وثيقة لم تخل بها زعامة كل منهما ومرجعيته ، توفي ـ عليه الرحمة ـ في ٨ جمادى الأولى سنة ١٢٦١ ه ". الكرام البررة ٢ / ١٤ من القسم الأول.