وقد ازداد هذا الأمر شدة عند جماعة من المنتمين إلى العلم ـ وهم خلو منه ـ حتى تولى كبر ذلك مشايخ سوء (١) فضحهم الله على رؤوس الأشهاد ، وأخزاهم في الدنيا قبل المعاد.
وربما تشبث المنكرون لأمر المهدي عليه الصلاة والسلام بما رواه ابن ماجة والحاكم عن أنس : «لا مهدي إلا عيسى بن مريم».
وهذا من فرط جهلهم وضلالهم ، إذ قد بلغ الفرق بينهما في الاشتهار مبلغ الشمس في رائعة النهار.
ولما كانت هذه الفتنة يستفحل أمرها زمانا ، وتخمد نار ضلالتها أحيانا ، رأيت أن أجمع في ذلك رسالة تكون وازعة للجاهلين ، ورادعة للضالين عن إنكار ما علم ثبوته بالتواتر ، والخوض في ما لا يبلغه فكرهم القاصر ، عسى الله أن يقطع بذلك دابرهم ، ويكشف عن أهل الحق شرهم ، إنه على ما يشاء قدير ، وبالإجابة جدير.
ورتبتها على ثلاثة أبواب وخاتمة.
* * *
__________________
(١) كابن خلدون وأضرابه من المتقدمين ، ومحمد رشيد رضا ، ومحمد فريد وجدي ، ومحمد عبد الله السمان ، وعبد الله بن زيد المحمود رئيس المحاكم الشرعية بقطر ، فإنه كتب ـ بعد وقوع حادثة الحرم المكي الشريف غرة محرم الحرام سنة ١٤٠٠ ه على يد جهيمان بن سيف العتيبي وأنصاره ـ رسالة في إنكار المهدي سماها «لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر» وقد استوفى الكلام في الرد عليه الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد.
وأمثال هؤلاء الذين يدعون العلم بالسنة ، كثيرون في كل صقع ومكان ، فيقتحمون في ما ليس من شأنهم ، فيخبطون خبط عمياء ، في ليلة ظلماء ، فيفضحون أنفسهم ، ويضلون أقواما آخرين ، ولو سكتوا لكان خيرا لهم وأقوم ، والله الهادي إلى سواء السبيل.