بل هي مجموعة عقده ومشاكله المتأصلة المستعصية!
بل هي داؤه الكبير الذي عجز عن معالجته فهرب عدواه ـ حانقا حاقدا ـ إلى الآخرين!
وتقدم (الحداثة) نفسها على أنها إشكالية تستعصي على الحل! ولكنها تقود إلى الإبداع! من خلال التميز والفرادة ، وتأكيد العابر والمؤقت وانبثاق الأشياء بصورة جديدة عشوائية!! معتمدة على التخطي والتجاوز المنفصل عن حركة التاريخ والمجتمع!!
وهي ليست نهائية أو جازمة ، بل هي طور من العلاقات الغامضة والمتداخلة في لعبة خفية!!
وهي استجابة آنية للقفز على الثوابت!! في مراوغة زئبقية متغيرة الوجوه والدلالات!!
ولقد ظهر جليا من كل ذلك أنها ـ حيث انتشرت في أوروبا قبيل نهاية القرن الميلادي الماضي ـ كانت تتصدر قائمة صرعات الخواء الروحي ، والعنف الموجه للآخر ، وتكريس العزلة والأنانية ، واندثار المثل والقيم ، حتى وصفها كتاب أوروبا : بالشيطانية ، والمثالية الزائفة ، والهلوسة والعبثية.
كما لا تنكر (الحداثة) أنها ولدت في أحضان الشذوذ والانحطاط ، وأن للحركات الهدامة المشبوهة كالماسونية والصهيونية يدا في تبلورها ..!
ولقد اكتسحت صرعات الحداثة الموقوتة مجمل الواقع الثقافي الأوروبي لنصف قرن قبل أن يبدأ انحسارها ، ناشئة مع صعود (هيراكليت)