وبسنده عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، في حديث طويل ، قال فيه : «يا جابر! والله ما نتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة ، وما معنا براءة من النار ، ولا على الله لأحد من حجة ، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع» (١).
وبالسند عن عمر بن خالد ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «يا معشر الشيعة ، شيعة آل محمد عليهمالسلام! كونوا النمرقة الوسطى» (٢) ..
إلى أن قال : ثم أقبل علينا فقال : «والله ما معنا من الله براءة ، ولا بيننا
__________________
٧٠ / ٩٥ ح ٢.
وقال العلامة المجلسي في مرآة العقول ٨ / ٤٨ في شرح كلامه عليهالسلام : «لا تذهب بكم المذاهب» على بناء المعلوم ، أي : لا تذهب بكم المذاهب الباطلة إلى الضلال والوبال ، أو على بناء المجهول ، أي : لا يذهب بكم الشيطان في المذاهب الباطلة من الأماني الكاذبة والعقائد الفاسدة ، بأن تجترئوا على المعاصي اتكالا على دعوى التشيع والمحبة والولاية من غير حقيقة ، فإنه ليس شيعتهم إلا من شايعهم في الأقوال والأفعال لا من ادعى التشيع بمحض المقال.
(١) الكافي ٢ / ٧٤ ح ٣ ، عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن سالم وأحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه جميعا ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ... ، وعنه في بحار الأنوار ٧٠ / ٩٧ ح ٤.
(٢) النمرقة ـ مثلثة ـ : الوسادة الصغيرة. القاموس المحيط ٣ / ٢٨٦ مادة «نمرق».
وقال الفيض الكاشاني في كتاب الوافي ٤ / ٣٢ : وفي الكلام استعارة ، والمراد أنه كما كانت الوسادة التي يتوسد عليها الرجل إذا كانت رفيعة جدا أو خفيفة جدا لا تصلح للتوسد ، بل لا بد لها من حد من الارتفاع والانخفاض حتى تصلح لذلك ، كذلك أنتم في دينكم وأئمتكم ، لا تكونوا غالين ، تجاوزون بهم عن مرتبتهم التي أقامهم الله عليها ، وجعلهم أهلا لها وهي الإمامة والوصاية النازلتان عن الألوهية والنبوة ، كالنصارى الغالين في المسيح ، المعتقدين فيه الألوهية أو البنوة للإله.
ولا تكونوا أيضا مقصرين فيهم ، تنزلوهم وتجعلونهم كسائر الناس أو أنزل! كاليهود والمقصرين في المسيح المنزلين له عن مرتبته ، بل كونوا كالنمرقة الوسطى وهي المقتصدة للتوسد ، يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي.