فلا بد حينئذ من الجمع بين هذه الأخبار وبين الأخبار الأولى ، ورفع التعارض الظاهر بينهما ، إذ لا يجوز إسقاط أحدهما ورده مع إمكان التأويل والجمع ، وهو يحصل بوجوه :
الأول : أن يقال : إن العاصي إن يرتكب المعاصي على وجه التهاون بها ، والاستخفاف بها ، وعدم المبالاة بها ، متكلا على غفرانها له لا محالة ، بسبب دعواه ولاية أهل البيت عليهمالسلام ، فمثل هذا يكون ادعاؤه ولاية أهل البيت عليهمالسلام كذبا ، فلا يستحق من الله تعالى التفضل عليه بغفران ذنوبه من حقيقة الولاية.
ويدل على هذا التأويل قول الصادق عليهالسلام : «ما بين المسلم وبين أن يكفر إلا أن يترك صلاة واحدة ، مستخفا بها ، أو يتهاون بها فلا يصليها» (١).
وقولهم عليهمالسلام في عدة أخبار : «اتقوا المحقرات من الذنوب ، فإنها لا تغفر» (٢) ، وفسروها بأنها ذنوب صغائر (٣) ، يفعلها المكلف ويقول : إن
__________________
(١) أورده البرقي في المحاسن ١ / ١٦٠ ح ١١ ، عن محمد بن علي ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن بريد بن معاوية العجلي ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ... ، والصدوق في عقاب الأعمال : ٢٧٤ رقم ١ ، عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب ... ، وعنهما في وسائل الشيعة ٤ / ٤٢ ح ٦ باختلاف يسير.
(٢) الكافي ٢ / ٢٧٠ ح ١٠ ، عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، وص ٢٨٧ ح ١ ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ... ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي أسامة زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وعنه في وسائل الشيعة ١٥ / ٣١٠ ح ١ ، وبحار الأنوار ٧٣ / ٣٤٥ ح ٢٩.
(٣) القاموس المحيط ٢ / ١٢ مادة «حقر». والتحقير يوجب
الإصرار وترك الندامة