لم يكن علي من الذنوب إلا هذا فلا أبالي ، لأن الكفر وعدم غفران الذنب إذا حصلا بالتهاون بالمعصية وعدم المبالاة بعقابها ، حصل بها الخروج من ولاية أهل البيت عليهمالسلام قطعا ، لأن من لم يكن مؤمنا حقيقة ولا أهلا لمغفرة ذنوبه بغير توبة فليس بولي لأهل البيت عليهمالسلام.
وهذا حكم جار في كل مستخف بفريضة من فرائض الله ، ومتهاون بمعصية من سائر معاصي الله تعالى ، والأدلة على هذا المعنى كثيرة.
ومنها : الخبر المسؤول عنه ، وموضع ذلك منه قوله عليهالسلام فيه : «إلا ما كان منهم فيها على إصرار» فإنه صريح في عدم غفران ذنوب المصر على الذنب.
ومن الواضح البين أن الإصرار على الذنب مسبب عن الاستخفاف والتهاون ، فإن الخائف من عقاب الذنب لا يصر عليه ، كما نبه عليه قوله تعالى : (ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) (١).
وينبغي أن تحمل آيات الوعيد على هذا المعنى ، وإن كان العاصي قد ارتكب المعاصي لغلبة شهوة نفسه ، وكان بعد عملها خائفا من عقابها ، مشفقا من المؤاخذة عليها ، راجيا من الله التفضل عليه بغفرانها ، لولايته لأهل البيت عليهمالسلام ، فمثل هذا لا يخرج عن حقيقة الولاية ، فهو مستحق من الله سبحانه التفضل عليه بغفران ذنوبه كائنة ما كانت ، وبالغة ما بلغت.
وينبغي أن تحمل آيات الرجاء على هذا المعنى ، مثل قوله تعالى : (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ، وقوله تعالى : (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب
__________________
الموجبين للبعد عن المغفرة.
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٣٥.