وتقلبها بين هذه الوجوه ، وإليك بعض الكلمات المتعلقة بالبحث :
قال الشريف المرتضى في كتابه الذريعة إلى أصول الشريعة عند رده للتصويب ، وتخطئة الصحابة بعضهم لبعض ، قال : «واعلم أننا أسقطنا بهذا الكلام الذي بيناه إلزام المخالفين لنا في خطأ الصحابة أن يكون موجبا للبراءة بذكر الكبير والصغير الذي هو مذهبهم دون مذهبنا فكأننا قلنا لهم : ما ألزمتمونا إياه لا يلزمنا على مذاهبكم في أن الصغائر تقع محبطة من غير أن يستحق بها الذم وقطع الولاية ، وإذا أردنا أن نجيب بما يستمر على أصولنا ومذاهبنا ، فلا يجوز أن نستعير ما ليس هو من أصولنا.
والجواب الصحيح عن هذه المسألة أن الحق في واحد من هذه المسائل المذكورة ، ومن كان عليه ومهتديا إليه من جملة الصحابة كانوا أقل عددا وأضعف قوة وبطشا ممن كان على خلافه مما هو خطأ ، وإنما لم يظهر النكير عليهم والبراءة منهم تقية وخوفا ونكولا وضعفا.
فأما تعلقهم بولاية بعضهم بعضا مع المخالفة في المذهب ، وأن ذلك يدل على التصويب ، فليس على ما ظنوه ، وذلك أنه لم يول أحد منهم واليا لا شريحا ولا زيدا ولا غيرهما إلا على أن يحكموا بكتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما أجمع عليه المسلمون ، ولا يتجاوز الحق في الحوادث ولا يتعداه» (١).
قال ابن السبكي في جمع الجوامع : «الصحابي من اجتمع مؤمنا بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن لم يرو ولم يطل ، بخلاف التابعي مع الصحابي ، وقيل : يشترطان ، وقيل : أحدهما ، وقيل : الغزو أو سنة .... والأكثر على عدالة
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ / ٧٦٧ ـ ٧٦٩.