ثلاث جبهات معادية : القرشيون غير الأمويين ، والعلويون ، والأنصار ، وهذا ما جعل سيرة عثمان محط طعنات غير الأمويين جميعا ..
فتعالت الأصوات من عبد الرحمن بن عوف ، وابن العاص ، وعائشة ، كما تعالت من علي والعلويين ، والأنصار ، على حد سواء ، وهذا ما جعل سيرة عثمان أقل تأثيرا وأكثر انكماشا من سيرة الشيخين التي لم تمن بمثل هذه المعارضة الهائلة.
وحينما أراد القرشيون إعادة الأمر إلى حوزتهم ، انفلت زمام الأمور من أيديهم وآل الأمر إلى نصابه ، فقد هرعت الجماهير إلى بيعة علي بن أبي طالب ، وذلك ما ساء القرشيين والأمويين وأضر بمصالحهم ومراكزهم القبلية والمستقبلية التي كانوا يتطلعون إليها.
وقد صرح بذلك الاستياء رؤوس الحراب القرشية والأموية ، ك : عائشة ، وعبيد الله بن عمر ، ومعاوية ، وأضرابهم ، وذلك ما أعاد للجبهة القرشية الأموية قوتها واتحادها مقابل القوة العلوية والأنصارية المتابعة لها.
وما حرب الجمل إلا مثال التحزب القرشي ضد علي ، وما حرب صفين إلا مثال التحزب الأموي ضده ، وما كلا الحزبين إلا مثال للاتحاد القرشي الأموي ـ صاحب المواقع القوية من قبل ـ ضد الشق العلوي الأنصاري صاحب المواقع الهشة من قبل (١).
وهذا أيضا جعل سيرة علي بن أبي طالب أقل تأثيرا من سيرة الشيخين عند الأمويين والعباسيين ، وأقل تأثيرا من سيرة عثمان عندهما
__________________
(١) لو أردت معرفة مدى قرب الأنصار من علي وأهل بيته فقها وسياسة ، يمكنك مراجعة المجلد الثاني من كتابنا وضوء النبي ـ البحث الروائي ـ وذلك عند بياننا نسبة الخبر إلى عبد الله بن زيد بن عاصم المازني الأنصاري.