وخامة عواقبه إلى حد يصعب معه تدارك الموقف ، واستخلاص الصحيح من السقيم المعوج.
وهو معنى آخر لكلام الإمام علي عليهالسلام في خطبته الشقشقية : «فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس ، وتلون واعتراض ...» (١).
فها هم اليوم قد انقلبوا على أعقابهم ، واستولى عليهم منطق الجاهلية ، إذ قال أحدهم : نحن أهل العزة والمنعة ، وأجابه الآخر : من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته؟! وكانوا قد أسقطوا الكتاب والسنة من مقاييسهم في يوم السقيفة.
نعم ، إن الحزب القرشي قد استفاد من الذهنية الجاهلية لتطبيق الخلافة والحكم ، ولهذا رأينا النزاع يدور حول أولوية الأنصار بالخلافة من المهاجرين أو العكس ، ولم يلحظ في نزاعهم تحكيم معايير الإسلام ، كالعلم والتقوى والجهاد وغيرها من أصول التفاضل القرآني.
إذا فمسألة فدك ـ في أحد أبعادها ـ ليست مسألة ميراث ونحلة فقط ، بقدر ما هي مسألة شرعية خلافة أو التشكيك فيها ، لأن قريشا كانت تحلم بهذه الخلافة وكان رؤساؤها يعترضون بين الفينة والأخرى على تنصيب الرسول لهذا أو ذاك ، فجاء عنه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الذين شككوا في إمارة أسامة : «قد بلغني أن قوما يقولون في إمارة أسامة ، ولعمري لئن قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله ، وإن كان أبوه لخليقا للإمارة ، وإنه لخليق ، فأنفذوا بعث أسامة» (٢).
وقد اعترف عمر بن الخطاب بأن رسول الله أراد أن يصرح ـ متجاهلا
__________________
(١) لو أردت المزيد فيمكنك مراجعة كتابنا منع تدوين الحديث : ٢٤٢ وما بعدها.
(٢) تاريخ الطبري ٢ / ٤٣١ ، الطبقات الكبرى ٢ / ٣٤٩.