أنه صرح مرارا ـ باسم من يخلفه «فمنعته من ذلك» (١).
فالمسألة بنظر الزهراء عليهاالسلام مسألة إسلام وجاهلية ، ونص وشورى ، وإيمان ونفاق ، وأخذ بأحاديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وطرح لها ، وإن أخذت في ساذج ظاهرها صورة مالية ومذهبا اقتصاديا.
٣ ـ القوة هي المعيار في التولية لا الأهلية والتقوى :
ليس ثمة شك في أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يولي الولاة ـ الإداريين والعسكريين ـ وفق كفاءاتهم في المجال المبعوثين فيه ، مفترضا فيهم النزاهة الدينية والتقوى ، فما أن يظهر من أحد منهم ما يخالف مبادئ الإسلام إلا ويعزله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويتدارك ما فرط فيه من أعمال سلبية ، وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك قمع الروح العدوانية الجاهلية.
إلا أن ما حصل بعد غياب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ينبئ عن حقيقة مأساوية ، مختصرها أن «الغاية تبرر الوسيلة» وأن الأولى بالولاية أقدرهم على قمع الخصوم ، ومن ثم تتويجه بألقاب تضفي عليه طابع التقوى والشرعية وإن كان لا يملك شيئا منهما ، لأن المهم هو تثبيت قواعد الخلافة ، والأجدر هو الأقدر على تحقيق النصر في ذلك المضمار.
فقد لقب أبو بكر خالدا ب «سيف الله المسلول» وأحاطه بهالة من القدسية حين منحه منحة الاجتهاد قائلا «اجتهد فأخطأ» رغم تعديه على زوجة مالك بن نويرة وهي في العدة ، ومعرفته بموقفه مع بني جذيمة وبراءة رسول الله من فعله لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اللهم إني أبرأ إليك مما فعله خالد».
وفي الوقت الذي تتوافر الكفاءة في خالد بن سعيد بن العاص ، لا يطيق أبو بكر ـ مضافا إلى تحريض عمر ـ ولايته ، لأنه مال في السقيفة إلى
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٠ ـ ٢١.