علي ، وتخلف عن بيعة أبي بكر شهرين (١).
ونظرا لموقف المغيرة بن شعبة يوم السقيفة ودفاعه عن عمر أيام خلافته وتلقيبه له بالفاروق فقد ولاه عمر البصرة ، ولما زنى المغيرة بأم جميل ـ ذات البعل الثقفي ـ وتوقف الرجم على تمامية الشهادة بزياد بن أبي سفيان ، ولما أقبل زياد للشهادة لقنه عمر ، وأسمع الحاضرين بقوله : «إني لأرى رجلا لن يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين» أو : «أرى رجلا أرجو أن لا يفضح الله به رجلا من أصحاب رسول الله» (٢) فوسمه بوسام «المهاجر» «الصحابي» ، وليس ذلك إلا لمواقفه المفيدة للخلافة الجديدة ، دون مراعاة للتقوى والإيمان والثقة بالله ..
يدلك على ذلك أن عمر لما أراد أن يوليه الكوفة ـ بعد حادثة البصرة ـ قال له : إن وليتك الكوفة أتعود إلى شئ مما قرفت به؟ قال : لا (٣).
وقد أفصح المغيرة نفسه عن هذه الموازنة التي قلناها حين قدم رجال على عمر يشكون سعد بن أبي وقاص ، فقال : من يعذرني من أهل الكوفة ، إن وليتهم التقي ضعفوه ، وإن وليتهم القوي فجروه.
فقال المغيرة : إن الضعيف له تقواه وعليك ضعفه ، والقوي الفاجر لك قوته وعليه فجوره.
قال عمر ، صدقت ، فأنت القوي الفاجر ، فاخرج إليهم ، فلم يزل عليهم أيام عمر (٤).
ومن هذا المنطلق نفسه رأينا عمر يروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله :
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٢ / ٤٠٢.
(٢) فتوح البلدان ـ للبلاذري ـ : ٣٣٩ ـ ٣٤٠ ، الأغاني ١٦ / ١٠٧.
(٣)
(٤) أنظر : تاريخ الطبري ٢ / ٥٤٥ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٢.