بدعوى زائفة وزعم باطل لم يعتضد بأي دليل.
نعم ، فقد اشتبه بعضهم اشتباها كبيرا بشأن ما أسسه الشيخ في موقفه العلمي الأول من القرائن المحتفة بالخبر ، وطرق الجمع بين الخبرين المتعارضين ، وسبل الترجيح بينهما ، معمما نتائج اشتباهه بما فيه من مزاعم باطلة ليمس به كلا الموقفين ، وهو ما نجده ـ مع الأسف ـ عند الأستاذ علال الفاسي ، المعروف بين أوساط المثقفين ، وذلك في بحثه الموسوم : «من المدرسة الكلامية» ، إذ تعرض فيه إلى الشيخ الطوسي في كتابيه التهذيب والاستبصار ، قائلا ما نصه :
«إذا تتبعت ظروب القرائن التي نقلناها عن الشيخ ، ووسائل الجمع ، لا يمكن طرح أي حديث ينسب للرسول [صلىاللهعليهوآلهوسلم] ، أو الأئمة [عليهمالسلام] ، لأنه لا بد أن يدخل في واحد منها ، وهذا في الواقع اعتماد على الفكر لتبرير ما روي من الأخبار غير الصحيحة ، ولو كانت ظاهرة الوضع»! (١).
ولا أدري كيف اقتنع الأستاذ علال الفاسي بهذا الكلام ، وهو يعلم بأن موقف علماء المسلمين جميعا إزاء الخبرين المتعارضين ، إنما ينطلق ابتداء من محاولات الجمع بينهما ، فإن أمكن الجمع بينهما بتأويل أحدهما بما يوافق دلالة الآخر ولو بوجه من الوجوه فهو المتعين عندهم بلا خلاف ، وقد صنفوا في ذلك كتبا ، ك : تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة الدينوري ، وغيره.
وأما لو تعذر الجمع ، فلا بد من الرجوع إلى طرق الترجيح بين
__________________
(١) من المدرسة الكلامية ـ لعلال الفاسي ـ ، بحث قدم إلى مؤتمر الشيخ الطوسي في ذكراه الألفية ، المنعقد في مدينة مشهد المقدسة سنة ١٣٨٥ ه ، منشور في بحوث المؤتمر ٢ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤.