الخبرين المتعارضين ، وحينئذ إما أن يتساوى الخبران في كل شئ ، لفقدان أية صفة مرجحة لأي منهما ، وهنا لا مناص من أحد القولين ، وهما : التساقط ، أو التخيير ، وإما أن يترجح أحدهما دون الآخر ، وهنا لا بد من العمل بالراجح وطرح الآخر.
والشيخ قدسسره أشار لكل هذا في أول الكتابين ، ومارسه عمليا فيهما ، فكيف يقال إذا بأنه لم يطرح أي حديث في كتابيه التهذيب والاستبصار ، ولو كان ظاهر الوضع؟!!
وأغلب الظن أن الأستاذ علال الفاسي اشتبه بقول الشيخ الطوسي في ديباجة الاستبصار ، إذ جاء فيها بعد تفصيل القرائن المحتفة بالخبر ، ووسائل الجمع وطرق الترجيح ما هذا نصه : «وأنت إذا فكرت في هذه الجملة وجدت الأخبار كلها لا تخلو من قسم من هذه الأقسام ، ووجدت أيضا ما عملنا عليه في هذا الكتاب وفي غيره من كتبنا في الفتاوى والحلال والحرام ، لا يخلو من واحدة من هذه الأقسام» (١) ..
فحسب الأستاذ المذكور ، أن جميع ما أورده الشيخ من أخبار ، داخل في دائرة الاحتجاج والاستدلال ، لا سيما وأن الكلام المتصل بهذه العبارة مسوق في دائرة الاحتجاج وكيفية الاستدلال بالخبر.
ومع هذا لا يعذر الباحث في اشتباه كهذا ، خصوصا وأن الشيخ قدسسره قد بين قبل هذا نوعية الأخبار التي لا يجوز العمل بها لعدم إمكانية اعتمادها ، كالخبر المعارض للإجماع ، أو ما كانت شهرة الفتوى على خلافه ، وكذلك التصريح بطرح الخبر الراجح والعمل بالأرجح ، كما لو
__________________
(١) الاستبصار ١ / ٥ ، من المقدمة.