(قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ) (٨٧)
____________________________________
(غَضْبانَ أَسِفاً) لا باعتبار نفسه وإن كانت داخلة عليه حقيقة فإن كون الرجوع بعد تمام الأربعين أمر* مقرر مشهور لا يذهب الوهم إلى كونه عند الإخبار بالفتنة كما إذا قلت شايعت الحجاج ودعوت لهم بالسلامة فرجعوا سالمين فإن أحدا لا يرتاب فى أن المراد رجوعهم المعتاد لا رجوعهم إثر الدعاء وأن سببية الدعاء باعتبار وصف السلامة لا باعتبار نفس الرجوع والأسف الشديد الغضب وقيل الحزين (قالَ) استئناف* مبنى على سؤال ناشىء من حكاية رجوعه كذلك كأنه قيل فماذا فعل بهم فقيل قال (يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً) بأن يعطيكم التوراة فيها ما فيها من النور والهدى والهمزة لإنكار عدم الوعد ونفيه وتقرير وجوده على أبلغ وجه وآكده أى وعدكم بحيث لا سبيل لكم إلى إنكاره والفاء فى قوله تعالى (أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ) أى الزمان للعطف على مقدر والهمزة لإنكار المعطوف ونفيه فقط أى أوعدكم ذلك فطال زمان الإنجاز فأخطأتم بسبيه (أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ) أى يجب (عَلَيْكُمْ غَضَبٌ) شديد لا يقادر قدره كائن* (مِنْ رَبِّكُمْ) أى من مالك أمركم على الإطلاق (فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) أى وعدكم إياى بالثبات على ما أمرتكم* به إلى أن أرجع من الميقات على إضافة المصدر إلى مفعوله للقصد إلى زيادة تقبيح حالهم فإن إخلافهم الوعد الجارى فيما بينهم وبينه عليهالسلام من حيث إضافته إليه عليهالسلام أشنع منه من حيث إضافته إليهم والفاء لترتيب ما بعدها على كل واحد من شقى الترديد على سبيل البدل كأنه قيل أنسيتم الوعد بطول العهد فأخلفتموه خطأ أم أردتم حلول الغضب عليكم فأخلفتموه عمدا وأما جعل الموعد مضافا إلى فاعله وحمل إخلافه على معنى وجدان الخلف فيه أى فوجدتم الخلف فى موعدى لكم بالعود بعد الأربعين فمما لا يساعده السباق ولا السياق أصلا (قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ) أى وعدنا إياك الثبات على ما أمرتنا به وإيثاره على أن يقال موعدنا على إضافة المصدر إلى فاعله لما مر آنفا (بِمَلْكِنا) أى بأن ملكنا أمورنا يعنون أنا لو خلينا وأمورنا ولم يسول لنا السامرى ما سوله مع مساعدة بعض الأحوال لما أخلفناه وقرىء بملكنا بكسر الميم وضمها والكل لغات فى مصدر ملكت الشىء (وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ) استدراك عما سبق واعتذار عما فعلوا ببيان منشأ الخطأ وقرىء حملنا بالتخفيف أى حملنا أحمالا من حلى القبط التى استعرناها منهم حين هممنا بالخروج من مصر باسم العرس وقيل كانوا استعاروها لعيد كان لهم ثم لم يردوها إليهم عند الخروج مخافة أن يقفوا على أمرهم وقيل هى ما ألقاه البحر على الساحل بعد إغراقهم فأخذوها ولعل تسميتهم لها أوزارا لأنها تبعات وآثام حيث لم تكن الغنائم تحل حينئذ (فَقَذَفْناها) أى فى النار رجاء للخلاص عن ذنبها (فَكَذلِكَ) أى فمثل ذلك القذف (أَلْقَى السَّامِرِيُّ) أى ما كان معه منها وقد كان أراهم أنه أيضا يلقى ما كان معه من الحلى فقالوا ما قالوا على زعمهم وإنما كان الذى ألقاه التربة التى أخذها من أثر الرسول كما سيأتى روى أنه قال لهم إنما تأخر موسى عنكم لما معكم من الأوزار فالرأى أن نحفر