(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى (٦) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (٧) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٨)
____________________________________
متعلقاته وقد قرىء بالجر على أنه صفة صريحة للموصول وما قيل من أن الأسماء الناقصة لا يوصف منها إلا الذى وحده مذهب الكوفيين وأياما كان فوصفه بالرحمانية إثر وصفه بخالقية السموات والأرض للإشعار بأن خلقهما من آثار رحمته تعالى كما أن قوله تعالى (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ) للإيذان بأن ربوبيته تعالى بطريق الرحمة وفيه إشارة إلى أن تنزيل القرآن أيضا من أحكام رحمته تعالى كما ينبىء عنه قوله تعالى (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ) أو رفع على الابتداء واللام للعهد والإشارة إلى الموصول والخبر قوله تعالى (عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) وجعل الرحمة عنوان الموضوع الذى شأنه أن يكون معلوم الثبوت للموضوع عند* المخاطب للإيذان بأن ذلك أمر بين لا سترة به غنى عن الإخبار به صريحا وعلى متعلقة باستوى قدمت عليه لمراعاة الفواصل والجار والمجرور على الأول خبر مبتدأ محذوف كما فى قراءة الجر وقد جوز أن يكون خبرا بعد خبر والاستواء على العرش مجاز عن الملك والسلطان متفرع على الكناية فيمن يجوز عليه القعود على السرير يقال استوى فلان على سرير الملك يراد به ملك وإن لم يقعد على السرير أصلا والمراد بيان تعلق إرادته الشريفة بإيجاد الكائنات وتدبير أمرها وقوله تعالى (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) سواء كان ذلك بالجزئية منهما أو بالحلول فيهما (وَما بَيْنَهُما) من الموجودات الكائنة فى الجو دائما كالهواء والسحاب أو أكثريا كالطير أى له وحده دون غيره لا شركة ولا استقلالا كل ما ذكر ملكا وتصرفا وإحياء وإمانة وإيجادا وإعداما (وَما تَحْتَ الثَّرى) أى ماوراء الترب وذكره مع دخوله تحت ما فى الأرض لزبادة التقرير روى عن محمد بن كعب أنه ما تحت الأرضين السبع وعن السدى أن الثرى هو الصخرة التى عليها الأرض السابعة (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ) بيان لإحاطة علمه تعالى بجميع الأشياء إثر بيان سعة سلطنته وشمول قدرته لجميع الكائنات أى وإن تجهر بذكره تعالى ودعائه فاعلم أنه تعالى غنى عن جهرك (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) أى ما أسررته إلى غيرك وشيئا أخفى من ذلك وهو ما أخطرته ببالك من غير أن* تتفوه به أصلا أو ما أسررته لنفسك وأخفى منه وهو ما ستسره فيما سيأتى وتنكيره للمبالغة فى الخفاء وهذا إما نهى عن الجهر كقوله تعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) وإما إرشاد للعباد إلى أن الجهر ليس لإسماعه سبحانه بل لغرض آخر من تصوير النفس بالذكر وتثبيته فيها ومنعها من الاشتغال بغيره وقطع الوسوسة عنها وهضمها بالتضرع والجؤار وقوله تعالى (اللهُ) خبر مبتدأ محذوف والجملة استئناف مسوق لبيان أن ما ذكر من صفات الكمال موصوفها ذلك المعبود بالحق أى ذلك المنعوت بما ذكر من النعوت الجليلة الله عزوجل وقوله تعالى (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) تحقيق للحق وتصريح بما* تضمنه ما قبله من اختصاص الألوهية به سبحانه فإن ما أسند إليه تعالى من خلق جميع الموجودات