(وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) (١٠)
____________________________________
والرحمانية والمالكية للكل والعلم الشامل مما يقتضيه اقتضاء بينا وقوله تعالى (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) بيان لكون ما ذكر من الخالقية والرحمانية والمالكية والعالمية أسماءه وصفاته من غير تعدد فى ذاته تعالى فإنه روى أن المشركين حين سمعوا النبى صلىاللهعليهوسلم يقول يا ألله يا رحمن قالوا ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلها آخر والحسنى تأنيث الأحسن يوصف به الواحدة المؤنثة والجمع من المذكر والمؤنث كمآرب أخرى وآياتنا الكبرى (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) استئناف مسوق لتقرير أمر التوحيد الذى إليه ينتهى مساق الحديث وبيان أنه أمر مستمر فيما بين الأنبياء كابرا عن كابر وقد خوطب به موسى عليه الصلاة والسلام حيث قيل له إنى أنا الله لا إله إلا أنا وبه ختم عليه الصلاة والسلام مقاله حيث قال إنما إلهكم الله الذى لا إله إلا هو وأما ما قيل من أن ذلك لترغيب النبى صلىاللهعليهوسلم فى الائتساء بموسى عليه الصلاة والسلام فى تحمل أعباء النبوة والصبر على مقاساة الخطوب فى تبليغ أحكام الرسالة فيأباه أن مساق النظم الكريم لصرفه عليه الصلاة والسلام عن اقتحام المشاق وقوله تعالى (إِذْ رَأى ناراً) ظرف للحديث وقيل لمضمر مؤخر أى حين رأى نارا كان كيت وكيت وقيل مفعول لمضمر مقدم أى اذكر وقت رؤيته نارا روى أنه عليه الصلاة والسلام استأذن شعيبا عليهما الصلاة والسلام فى الخروج إلى أمه وأخيه فخرج بأهله وأخذ على غير الطريق مخافة من ملوك الشأم فلما وافى وادى طوى وهو بالجانب الغربى من الطور ولد له ولد فى ليلة مظلمة شاتية مثلجة وكانت ليلة الجمعة وقد ضل الطريق وتفرقت ماشيته ولا ماء عنده وقدح فصلد زنده فبينما هو فى ذلك إذ رأى نارا على يسار* الطريق من جانب الطور (فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا) أى أقيموا مكانكم أمرهم عليه الصلاة والسلام بذلك لئلا يتبعوه فيما عزم عليه عليه الصلاة والسلام من الذهاب إلى النار كما هو المعتاد لا لئلا ينتقلوا إلى موضع آخر فإنه مما لا يخطر بالبال والخطاب للمرأة والولد والخادم وقيل لها وحدها والجمع إما لظاهر لفظ الأهل أو* للتفخيم كما فى قول من قال [وإن شئت حرمت النساء سواكم](إِنِّي آنَسْتُ ناراً) أى أبصرتها إبصارا بينا لا شبهة فيه وقيل الإيناس خاص بإبصار ما يؤنس به والجملة تعليل للأمر أو المأمور به (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها) أى أجيئكم من النار (بِقَبَسٍ) أى بشعلة مقتبسة من معظم النار وهى المرادة بالجذوة فى سورة* القصص وبالشهاب القبس (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) هاديا يدلنى على الطريق على أنه مصدر سمى به الفاعل مبالغة أو حذف منه المضاف أى ذا هداية أو على أنه إذا وجد الهادى فقد وجد الهدى وقيل هاديا يهدينى إلى أبواب الدين فإن أفكار الأبرار مغمورة بالهمة الدينية فى عامة أحوالهم لا يشغلهم عنها شاغل والأول هو الأظهر لأن مساق النظم الكريم لتسلية أهله وقد نص عليه فى سورة القصص حيث قيل (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ) الآية وكلمة أو فى الموضعين لمنع الخلو دون منع الجمع ومعنى الاستعلاء فى قوله