(وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٣٣)
____________________________________
رواية عطاء وعليه أكثر المفسرين إن السموات كانت رتقا مستوية صلبة لا تمطر والأرض رتقا لا تنبت ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات فيكون المراد بالسموات السماء الدنيا والجمع باعتبار الآفاق أو السموات جميعا على أن لها مدخلا فى الأمطار وعلم الكفرة الرتق والفتق بهذا المعنى مما لا سترة به وأما بالمعانى الأول فهم وإن لم يعلموهما لكنهم متمكنون من علمهما إما بطريق النظر والتفكر فإن الفتق عارض مفتقر إلى مؤثر قديم وإما بالاستفسار من العلماء ومطالعة الكتب (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) * أى خلقنا من الماء كل حيوان كقوله تعالى (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) وذلك لأنه من أعظم مواده أو لفرط احتياجه إليه وانتفاعه به أو صيرنا كل شىء حى من الماء أى بسبب منه لا بد له من ذلك وتقديم المفعول الثانى للاهتمام به لا لمجرد أن المفعولين فى الأصل مبتدأ وخبر وحق الخبر عند كونه ظرفا أن يتقدم على المبتدأ فإن ذلك مصحح محض لا مرجح وقرىء حيا على أنه صفة كل أو مفعول ثان والظرف كما فى الوجه الأول قدم على المفعول للاهتمام به والتشويق إلى المؤخر (أَفَلا يُؤْمِنُونَ) إنكار لعدم إيمانهم بالله وحده* مع ظهور ما يوجبه حتما من الآيات الآفافية والأنفسية الدالة على تفرده عزوجل بالألوهية وعلى كون ما سواه من مخلوقاته مقهورة تحت ملكوته وقدرته والفاء للعطف على مقدر يستدعيه الإنكار السابق أى أيعلمون ذلك فلا يؤمنون (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ) أى جبالا ثوابت جمع راسية من رسا الشىء إذا ثبت ورسخ ووصف جمع المذكر بجمع المؤنث فى غير العقلاء مما لا ريب فى صحته كقوله تعالى (أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) و (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ* (أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ) أى كراهة أن تتحرك وتضطرب بهم أو لئلا تميد بهم بحذف* اللام ولا لعدم الإلباس (وَجَعَلْنا فِيها) أى فى الأرض وتكرير الفعل لاختلاف المجعولين ولتوفية مقام الامتنان حقه أو فى الرواسى لأنها المحتاجة إلى الطرق (فِجاجاً) مسالك واسعة وإنما قدم على قوله تعالى (سُبُلاً) وهو وصف له ليصير حالا فيفيد أنه تعالى حين خلقها خلقها كذلك أو ليبدل منها سبلا فيدل ضمنا على أنه تعالى خلقها ووسعها للسابلة مع ما فيه من التوكيد (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) أى إلى مصالحهم ومهماتهم* (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) من الوقوع بقدرتنا القاهرة أو من الفساد والانحلال إلى الوقت المعلوم بمشيئتنا أو من استراق السمع بالشهب (وَهُمْ عَنْ آياتِها) الدالة على وحدانيته تعالى وعلمه وحكمته وقدرته وإرادته التى بعضها محسوس وبعضها معلوم بالبحث عنه فى علمى الطبيعة والهيئة (مُعْرِضُونَ) لا يتدبرون فيها فيبقون على ما هم عليه من الكفر والضلال وقوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) اللذين هما آيتاهما بيان لبعض تلك الآيات التى هم عنها معرضون بطريق الالتفات الموجب