وخالد لا يكلمه ، ولا يظن إلا أن رأي أبي بكر على مثل رأي عمر ، حتى دخل عليه ، فقال عمر لأبي بكر : إن في سيف خالد رهقا ، وأكثر عليه في ذلك.
فقال : يا عمر! تأول فأخطأ ، فارفع لسانك عن خالد ، فإني لا أشيم سيفا سله الله على الكافرين (١) ، ولما أصر أبو قتادة على موقفه دعاه أبو بكر ونهاه عن ذلك (٢).
بهذا المنطق (التأويل) وكون أعدائه (المسلمين) من الكافرين! عذر أبو بكر خالدا ، لاحتياجه إليه في مواقفه الأخرى في تثبيت الحكم ، وبنفس المنطق سوغ لنفسه نهي أبي قتادة عن التعرض لخالد ، مع أن اعتراض أبي قتادة كان في محله ، ويكتسب الشرعية من القرآن والسنة النبوية.
ب ـ استغلال الرئاسة القبلية :
لم يختص عمل أبي بكر بعدم تطبيقه لأوامر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبتعطيله لأحكام الله بعدم إجرائه الحد على خالد بن الوليد ، أو بتجاوزه الحدود واختراع حدود مرتجلة ، مثل حرقه الفجاءة بالنار!! بل تعدى إلى مفردات كثيرة أخرى.
منها : عفوه عن الأشعث بن قيس حين ارتد ، لكونه زعيم كندة وممن يحتاج إليه في مواقف ومشاهد أخرى ، وقد تأسف أبو بكر ـ عند موته ـ من فعلته بقوله «ثلاث .. وثلاث .. وثلاث» وعد من اللاتي ود فعلها ولم يفعلها : ضرب عنق الأشعث حين جئ به أسيرا ، فقال : «وأما
__________________
(١) تاريخ الطبري ٣ / ٢٤١ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٤١ ، أسد الغابة ١ / ٥٨٨ ، وغيرها.
(٢) الكامل في التاريخ ٢ / ٣٥٨.