فسمعها النبي وكان يكرمها ويحبها ، فقال : يا عمة! أتبكين وقد قلت لك ما قلت؟!
قالت : ليس ذلك أبكاني يا رسول الله ، استقبلني عمر بن الخطاب ، وقال : إن قرابتك من رسول الله لن تغني عنك من الله شيئا.
قال : فغضب النبي ، وقال : يا بلال! هجر بالصلاة ، فهجر بالصلاة ، فصعد المنبر النبي ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ما بال قوم يزعمون أن قرابتي لا تنفع؟! كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ، فإنها موصولة في الدنيا والآخرة (١).
فإذا كانت مطلق قرابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لها هذه السمة المعنوية والميزة الشرعية في الدنيا والآخرة ، فكيف بابنته التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها؟!!
إن عدم تفهمهم ، أو عدم ترتيبهم الآثار على تلك الخصائص الإلهية ، إنما يكمن وراءه موروث قديم ، هو الذي لا يحترم الرئيس إلا ما دام حيا ، ولا يعير للبنت أهمية إلا بمقدار أنها «امرأة» لا توازي الرجل ولا تساويه ، بل ليس لها أن تطالب بشئ من حقوقها الشرعية والاجتماعية!
١٠ ـ اختلال قوانين الإرث وتقعيد قواعد الجاهلية فيه :
قبل توضيح اختلال ميزان قوانين الإرث في هذا العهد ، لا بد من إلقاء نظرة عابرة على مكانة المرأة في الجاهلية وصدر الإسلام ، إذ إن البنت كانت توأد في التراب في الجاهلية ، وذلك ما أخبر به الله في قوله : (وإذا
__________________
(١) مجمع الزوائد ٨ / ٢١٦.