فالزهراء عليهاالسلام في هذا المقطع من خطبتها أشارت إلى أمرين بقولها لأبي بكر : «وأنتم تزعمون أن لا إرث لنا ، أفحكم الجاهلية تبغون؟!» ، وفي آخر : «زعمتم أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي ولا رحم بيننا ، لقد جئت شيئا فريا!» .. فهنا شقان خطيران ، هما :
الأول : زعمهم بأنها لا حظوة لها ، ولا ترث من أبيها ، وذلك حسب أحكام الجاهلية.
الثاني : تكذيبها أبا بكر في ما نقله وذهب إليه.
أما الأول : فقد وضحنا شيئا منه قبل قليل .. وأما الثاني : فإن المواقف والنصوص توضح كذب أبي بكر في ما رواه ، إذ كيف به يوصي بالدفن عند رسول الله مع اطمئنانه بصدور الخبر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! لأن بيت الرسول إما خاصة له أو من جملة تركته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن كان له خاصة فهو صدقة وقد جعلها للمسلمين كما زعمه : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» ، فلا يجوز أن يختص بواحد دون آخر! ..
وإن كان من جملة تركته وميراثه ، وأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يورث كغيره من المسلمين ، فهما ـ أبو بكر وعمر ـ لم يكونا ممن يرث رسول الله!
لا يقال : إن ذلك بحصة عائشة وحفصة ..
فإنه يقال : إن نصيبهما لا يبلغ مفحص قطاة ، لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم مات عن تسع نسوة وبنت لصلبه ، فلكل واحدة من نسائه تسع الثمن ، فما بال عائشة وحفصة ترثان ولا ترث فاطمة وهي بنته ومن صلبه؟!
ولو كان واثقا من صحة ما حدث به وما ذهب إليه ، فلماذا يسعى لاسترضاء الزهراء صلىاللهعليهوآلهوسلم ويتأسف في أخريات حياته متمنيا أنه لم يكشف بيتها؟!