بتجنبه سهلا ، لا سيما وهو يرى شيخه البرقي يخرج عنوة من قم!
والذي أراه شخصيا أن الصفار كان معتقدا بوثاقة سهل بن زياد وجازما بصدقه وعدالته ، بدليل أنه ـ وبعد انتقال الأشعري إلى رحمة الله ـ سارع للتحديث عن سهل بالروايات (الممنوعة) ليلقيها على مسامع أقطاب الحديث من تلامذته كالكليني رضوان الله تعالى عليه ، الذي يقول عنه النجاشي : «شيخ أصحابنا في وقته بالرأي ووجههم ، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم» (١).
وعلى أية حال فإن ما ذكرناه لا يعني القول بإنكار وجود الغلاة ولا إنكار وجود رواياتهم أيضا ، بقدر ما يعني التريث بشأن تهمة الغلو والتحقيق في منشأها وأسبابها ومصدرها ، فإن لم تثبت بحق بعضهم فلا معنى للتساؤل عن سر وجود مروياتهم في كتبنا.
وإن ثبتت بحق بعض آخر ، فكيف يعقل اعتماد الثقة الجليل على خبر الغلاة بعد انحرافهم وإيداعه في كتابه ، وهو بنفسه يرى ضرورة تكذيبهم ولعنهم والبراءة منهم اقتداء بما تواتر عن أهل البيت عليهمالسلام بلعنهم ، والبراءة منهم ، وإهانتهم؟! وقد تقدم في حديث الحسين بن خالد عن الإمام الرضا عليهالسلام ما هو صريح بذلك ..
هذا فضلا عن إيعاز أهل البيت عليهمالسلام لشيعتهم بالفتك بالغلاة وتصفيتهم جسديا مع التمكن ، وقد استطاع بعضهم ذلك فعلا ، إذ تمكن أحد أصحاب الإمام العسكري عليهالسلام من الفتك بفارس بن حاتم بن ماهويه القزويني فقتله بسامراء بعد أن اتضح غلوه ولعنه على لسان الإمام عليهالسلام.
__________________
(١) رجال النجاشي : ٣٧٧ رقم ١٠٢٦.