إذ قد يكون الخبر شاذا ، أو خرج مخرج التقية ونحو ذلك من الأسباب المؤدية إلى ترك العمل بظاهره إجماعا ، وهذا يكشف بحد ذاته عن تضلع الشيخ قدسسره بفتاوى الفقهاء المتقدمين ، وبمعرفته الدقيقة بتلك الأخبار التي لم يعمل بها أحدهم أو أغلبهم بما لا يشكل خرقا واضحا لدعوى الإجماع.
ومن الوجوه الأخرى الدالة على فساد الخبر بنظر الشيخ هو مخالفته الصريحة لما دل الدليل على صحته ، ولكلا النوعين أمثلة عديدة نكتفي بذكر بعضها كالآتي :
١ ـ قوله في التهذيب في باب المياه وأحكامها : «فهذا الخبر شاذ شديد الشذوذ وإن تكرر في الكتب والأصول ، فإنما أصله : يونس ، عن أبي الحسن عليهالسلام ، ولم يروه غيره ، وقد أجمعت العصابة على ترك العمل بظاهره ، وما يكون هذا حكمه لا يعمل به ...» (١).
وحديث يونس هذا ، هو ما أفتى بظاهره الشيخ الصدوق في الفقيه (٢) ، وأصله ـ كما قال الشيخ ـ : يونس بن عبد الرحمن ، ولم يروه أحد غيره ، وقد أخرجه الكليني عنه ، عن أبي الحسن عليهالسلام في باب النوادر من كتاب الطهارة ، قال : «قلت له : الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة؟ قال : لا بأس بذلك» (٣).
ويحتمل أن يكون لفظ : «منه» في فتوى الصدوق على أثر حديث الماء الذي قدره قلتين بقوله : «ولا بأس بالوضوء منه ، والغسل من
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ / ٢١٩ ح ٦٢٧ باب ١٠ ، والاستبصار ١ / ١٤ ح ٢٧ باب ٥.
(٢) الفقيه ١ / ٦ ح ٣ باب ١.
(٣) فروع الكافي ٣ / ٧٣ ح ١٢ ، وعنه في الوسائل ١ / ٢٠٤ ح ١ باب ٣ من أبواب الماء المضاف.