كالمغشي عليه من الموت ، فإذا ذهب الخوف سلقوا المؤمنين بألسنة حداد ، وإذا جاءت الأحزاب يودون لو أنهم بأدون في الأعراب ، يقولون بيوتنا عورة ، وإن تولى أحدهم الأمور العامة أفسد في الأرض وقطع الأرحام (١) ، وأغلظ وكان فظا مع المؤمنين والمسلمين.
وبهذا يتبين أن هذه الآية في سورة الفتح تشير إلى مديح فئة خاصة ، ومعنى خاص من «المعية» بمعنى النصرة الصادقة ، ويدل على ذلك أيضا تقييد الآية الوعد الإلهي بالمغفرة والأجر العظيم بخصوص المؤمنين العاملين للصالحات ، أي أن الآية جاءت بلفظ (منهم) الدال على التبعيض وعدم العموم.
وهذا ما نطقت به السور جميعها ، فهي تؤكد على تبعيض المجموع الذي صحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ سواء في القتال ، أو في السلم حضرا أو سفرا ـ إلى صالح وطالح ، كما إن السورة تشترط لحصول المغفرة والأجر العظيم الإيمان والعمل الصالح ، أي الوفاء بالشرط.
الأمر الرابع : إن شأن وقوع بيعة الشجرة ونزول آياتها ـ كما ذكر ذلك في كتب الرواية والتفسير والسير ـ هو ما وقع في صلح الحديبية من عصيان أكثر من كان مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم إياهم بالحلق والإحلال من الإحرام بعدما صدوا عن الاعتمار إلى بيت الله الحرام ، وصار الأمر إلى عقد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الصلح مع قريش ، والذي كان فيه انتصار كبير لرسول الله وللمسلمين على قريش ـ كما وعد الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ..
إلا أن الذين كانوا في ركبه صلىاللهعليهوآلهوسلم مضافا إلى أنهم لم يدركوا الحكمة
__________________
(١) لاحظ سورة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ٤٧ : ٢٠ ـ ٢٤ ، وما ذكرناه سابقا.