أحوالهم ، إذ نصبوا أصنامهم حول الكعبة فكانوا يطوفون بها عراة ويقولون : لا نطوف عليها في ثياب أصبنا فيها المعاصي (١) ، وكلّما طافوا بها شوطاً سجدوا لها ، فظهر كفرهم بسبب ذلك ظهوراً لا يتمكّنون من دفعه ، فكأنّهم شهدوا به علىٰ أنفسهم .
وبهذا صحّ المجاز علىٰ سبيل التمثيل في هذه الآية .
ونحوها قوله تعالىٰ : ( ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) (٢) . .
إذ لا قول هنا من الله عزّ وجلّ ، ولا منهما قطعاً . .
وإنّما المراد أنّه سبحانه شاء تكوينهما فلم يمتنعا عليه ، وكانتا في ذلك كالعبد السامع المطيع يتلقّىٰ الأمر من مولاه المطاع .
وعلىٰ هذا جاء قوله تعالىٰ : ( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (٣) . .
ضرورة أنّ القول في هذه الآية ليس علىٰ حقيقته . .
والحقيقة ما اقتبسه الإمام زين العابدين عليهالسلام من مشكاة هاتين الآيتين ، إذ قال في بعض مناجاة ربّه عزّ وجلّ : « وجرىٰ بقدرتك القضاء ، ومضت علىٰ إرادتك الأشياء ، فهي بمشيئتك دون قولك مؤتمرة ، وبإرادتك دون نهيك منزجرة » (٤) .
وممّا جاء في القرآن الحكيم من المجاز علىٰ سبيل التمثيل قوله عزّ
__________________
(١) ٱنظر : تفسير الفخر الرازي ١٦ / ٩ .
(٢) سورة فصّلت ٤١ : ١١ .
(٣) سورة النحل ١٦ : ٤٠ .
(٤) الصحيفة السجّادية : ٥٩ دعاؤه إذا عرضت له مهمّة أو نزلت به ملمّة وعند الكرب .