سبحانه ثمّ سبحاناً يَعود له |
|
وقَبْلَنا سَبّحَ الجُوديُّ والجُمُدُ |
فإنّ الجودي والجمد جبلان (١) ، والمراد أنّهما يسبّحان الله بلسان تكوينهما ، راسخين شامخين ، يدلّان علىٰ الصانع الحكيم وعلىٰ قدرته وعظمته .
فكأنّهما ينزهان الله عزّ وجلّ عمّا لا يجوز عليه ، علىٰ حدّ قوله تعالىٰ : ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ) (٢) .
وهذا النوع من التسبيح في القرآن العظيم كثير كما لا يخفىٰ .
وقال قيس بن الملوّح (٣) :
__________________
المنطق ، كتاب الرسالة المصرية ، كتاب ديوان شعره كبير . . .
ٱنظر : معجم الأُدباء ٢ / ٣١٧ .
(١) الجوديُّ : موضع وقيل جبل ، وقال الزجّاج : هو جبل بآمد ، وقيل : جبل بالجزيرة استوت عليه سفينة نوح ، وفي التنزيل العزيز : ( وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ) سورة هود ١١ : ٤٤ .
ٱنظر : لسان العرب ٢ / ٤١٣ مادّة « جود » .
والجمد : جبل علىٰ ليلة من المدينة مرّ عليه الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : « هذا جُمدان سَبق المُفَرِّدون » .
ٱنظر : لسان العرب ٢ / ٣٤٩ مادّة « جمد » .
(٢) سورة الإسراء ١٧ : ٤٤ .
(٣) ديوان مجنون ليلىٰ : ١٩٢ باختلاف يسير في بعض الألفاظ .
وقيس بن الملوّح : هو ابن مزاحم العامري ، توفّي سنة ٦٨ هـ ، شاعر غزل ، من المتيّمين ، من أهل نجد ، لم يكن مجنوناً وإنّما لقّب بذلك لهيامه في حبّ ليلىٰ بنت سعد .
قيل في قصّته : نشأ معها إلىٰ أن كبرت وحجبها أبوها ، فهام علىٰ وجهه ينشد الأشعار ويأنس بالوحوش ، فيرىٰ حيناً في الشام وحيناً في نجد وحيناً في الحجاز ، إلىٰ أن وُجد ملقىً بين أحجار وهو ميّت فحُمل إلىٰ أهله .
ٱنظر : الأغاني ٢ / ٤٩ .